آثار الفيضانات المدمرة على باكستان مستمرة، وفي الوقت الذي تتفقد فيه العائلات منازلهم المدمرة في باكستان المنكوبة بالفيضانات، يسلط الرئيس التنفيذي للإغاثة الإسلامية وسيم أحمد، الضوء على المخاوف من حدوث المزيد من الدمار في المستقبل.
فقبل أيام فقط، أدى ارتفاع منسوب مياه نهر كابول إلى تجاوز سدود الحماية، مما أدى إلى إغراق القرى ومئات المساحات من الأراضي الزراعية في منطقة ناوشيرا، خيبر باختونخوا، ومازالت الإغاثة الإسلامية تحاول الوصول إلى
العائلات التي تقطعت بها السبل، لكن مع ارتفاع منسوب مياه الفيضانات بين 7 و8 أقدام فقد كان من الصعب الوصول لمن يحتاجون المساعدات.
والحمد لله، منذ أن بدأت المياه في الانحسار تمكنا من العبور، حيث زودنا أكثر من 200 عائلة بعبوات من المواد الغذائية التي تمس الحاجة إليها ومليئة بالمواد الأساسية مثل الدقيق والأرز وزيت الطهي والبقول والسكر والشاي والملح.
ورغم توقف هطول الأمطار إلا أن العديد من الأماكن لا تزال مغمورة بالمياه، والأسوأ من ذلك، من المتوقع هطول رياح موسمية جديدة هذا الشهر، وهو الرعب الجديد الذي ينتظر أولئك الذين عانوا وخسروا الكثير.
في كل مكان تقريبًا نظرت فيه في ناوشيرا، رأيت الدمار وآثار الفيضانات المرعبة، في هذه المنطقة تسببت مياه الفيضانات في مقتل 10 من أفراد المنطقة، وجرفت السيول مئات المنازل ولم يتبق للعائلات سوى الحماية الهزيلة من الخيام المؤقتة التي تطفو على أجزاء من الأراضي المرتفعة، تمكن بعض الناس من إنقاذ أنفسهم والأسر الأخرى، والبعض الآخر كان لديه بطانيات، لكن معظمهم لم يكن لديه سوى الملابس التي كانوا يرتدونها.
وبعد أن بدأت المباني المتضررة تظهر ركامها من المياه، وبدأ الناس بالبحث عن شيء – أي شيء – يمكن إنقاذه وانتشاله من حياتهم السابقة، أو ربما يحاولون ببساطة فهم الدمار، صعد بعض الناس عبر منازلهم المدمرة، وأنا أراقبهم، دعوت من أجل سلامتهم: تلك الهياكل المتضررة وغير المستقرة كانت عرضة للانهيار في أي لحظة.
المشاهد المفجعة في ناوشيرا يتردد صداها في جميع أنحاء باكستان، حيث تعد هذه هي الكارثة الأسوأ، وربما من المستحيل فهمها بالكامل.
بسبب “الرياح الموسمية المدمرة” وموجة الحر، بدأت تذوب الأنهار الجليدية، وانهمرت كالسيل وغرق ثلث البلاد تحت الماء، وكانت النتيجة دمارًا غير مسبوق في جميع مقاطعات البلاد: تم تدمير أكثر من مليون منزل، ودمر 3.5 مليون فدان من المحاصيل، وتضرر أكثر من 33 مليون فرد.
وعندما تحدثت إلى عائلات ناوشيرا عن هذا الموسم المدمر، شعرت بالحزن الشديد بسبب معاناتهم، وكانوا في أمس الحاجة إلى الطعام والماء والمأوى ومستلزمات النظافة، وبسبب عدم تركهم أي شيء، واجهوا أمراضًا مميتة مثل الكوليرا والملاريا، والتي بدأت بالفعل في الارتفاع في المناطق المتضررة من الفيضانات.
تعمل الإغاثة الإسلامية بلا كلل للوصول إلى المجتمعات التي هي في أمس الحاجة إليها، وتصل المساعدات الإنسانية للمتضررين ولكن، الجسور المنهارة والطرق المتضررة تجعل التقدم بطيئًا وأحيانًا محفوفًا بالمخاطر، ونحن نبذل كل ما في وسعنا، وبفضل كرم داعمينا، كنا بمثابة شريان حياة لأكثر من 20 ألف متضرر حتى الآن.
ومع ذلك، فإن الاحتياجات هنا ضخمة، والتمويل الإنساني أقل بشكل كارثي من 136 مليون جنيه استرليني التي دعت الأمم المتحدة من أجلها لدعم جهود الإغاثة مثل جهودنا، وتواجه باكستان فاتورة خسائر وأضرار هائلة تصل إلى 20 مليار جنيه إسترليني: وهو مبلغ لا تستطيع دفعه بمفردها.
بطريقة ما، في الأسابيع والأشهر وحتى السنوات المقبلة، يجب على شعب باكستان إعادة بناء حياته ومجتمعاته، وهم يفعلون ذلك وهم يعلمون يقينًا أن هذه الكارثة لن تكون الأخيرة، وبالفعل ليس غريبًا عن الفيضانات، فالبلاد على خط المواجهة في انهيار مناخي يقترب من نقطة اللا عودة.
تعمل الإغاثة الإسلامية مع المجتمعات الضعيفة في باكستان لأكثر من 30 عامًا، وستظل بجانبها طوال هذه الكارثة وما بعدها، وسوف نستمر في تقديم المساعدات المنقذة للحياة، سنعمل على مساعدة المجتمعات على إعادة بناء نفسها وتحصين نفسها ضد الآثار المدمرة لتغير المناخ.
وسنستمر في مطالبة قادة العالم، أخيرًا، الآن، بمعالجة حالة الطوارئ المناخية، إن القيام بخلاف ذلك يعد بمزيد من البؤس، ليس فقط لباكستان، ولكن للجميع في كل مكان.
ادعم استجابتنا في حالات الطوارئ لإنقاذ حياة الناس: تبرع الآن لندائنا بشأن الفيضانات في باكستان.