الصيام هو ركن من أركان الإسلام التي لا يصح إسلام المرء إلا بالقيام به وأدائه، ويكون عن طريق الامتناع عن مفطرات الصيام المحددة وذلك من وقت بزوغ الفجر حتى غروب الشمس
هو جانب الشيء وما لا يتم الشيء إلا به.
وشرعاً فإن الصوم له ركنان، أولهما: النية، ثانيهما: الإمساك عن المفطرات من وقت دخول الفجر إلى غروب الشمس.
النية من أركان جميع العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى.
قصد الشخص بقلبه ما يريد فعله بجوارحه.
حديث عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سمعت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:” إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ”
يعقد المسلم نية الصوم تقربًا إلى الله تعالى وامتثال لأوامره.
يكون إما بداية شهر رمضان، حيث يعقد المسلم نيته بصيام شهر رمضان كاملاً.
أو يكون تبييت النية يوم بيومه، فيقوم المسلم بعقد نية صيام اليوم التالي خلال أيام رمضان قبل دخول فجر اليوم التالي.
النية محلها القلب، ولا يشترط النطق بها.
يقصد بها الامتناع عن أي من مفسدات ومفطرات الصيام المحددة منذ طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
قوله تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (البقرة: 187).
ويدخل في حكمها كل ما يدخل جوف الصائم من الفم أو الأنف متجاوزًا الحلق ومستقرًّا في الجوف.
الأصل في الصيام أن يحتاط المسلم ويجتهد قدر استطاعته في التحقق من دخول الوقت الفجر أو لغروب الشمس، فلو اجتهد وتحرى ثم تبين خطؤه في هذه الحالة لا إثم عليه، لحديث: “إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ”([2])، لكنه يأثم إذا تساهل ولم يعتنِ بالبحث والتحري.
اختلف العلماء لكن اتفق جمهور أهل العلم على أنه يصوم بقية اليوم إذا كان في رمضان لكن وجب عليه القضاء ولا عبرة بخطئه أو ظنه.
إذا تناول المسلم الطعام أو شرب خلال شهر رمضان ناسيًا، فيكمل صومه؛ لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ”([3])، وفي لفظ مسلم: “مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ”([4]).
لو كان ذلك لعذر معتبر كمرض، أو سفر فلا إثم عليه، وعليه القضاء بعد انتهاء رمضان.
أما من تناوله متعمدًا لغير عذر، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، ويجب عليه كفارة من أفطر في نهار رمضان.
إن كان عمدًا فسد الصوم، وإن غلب على الصائم فلا إثم عليه، والصوم صحيح ويكمل صيامه.
والدليل على ذلك حديث أبي هريرة- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “من ذَرَعَهُ قيءٌ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنِ اسْتَقَاءَ فَلْيقْضِ”([6]).
مما يفسد الصوم: الجماع، وفيه القضاء والكفارة المغلظة.
عن أبي هريرة- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ”([7]).