Wednesday August 30, 2023

محمد إسماعيل، مسؤول الحماية والمساءلة في الإغاثة الإسلامية في فلسطين

 

 

 

 

 

 

في مدونته الثانية كمدون نشط، يشارك محمد إسماعيل، مسؤول الحماية والمساءلة في الإغاثة الإسلامية في فلسطين، كيف يبدو الصيف في الأرض الفلسطينية المحتلة.
يرتبط الصيف دائما بالأنشطة الترفيهية مثل أخذ الإجازات أو قضاء الوقت بجانب البحر أو مجرد الاسترخاء في المنزل. لكن المشهد في بلادي يبدو مختلفًا. ففي قطاع غزة، الصيف ليس لطيفًا كما يبدو في المناطق الأخرى. ففي الآونة الأخيرة، وصلت درجة الحرارة إلى حوالي 40 درجة مئوية. أنا أعلم بأن هذا يمكن أن يحدث في جميع أنحاء العالم، ولكن في غزة، الوضع يختلف! لدينا إمدادات الكهرباء فقط لمدة 8 إلى 10 ساعات في اليوم؛ مما يعني أن التبريد والتلطيف غير متوفرين طوال اليوم!

 

كيف يسعد سكان غزة أنفسهم؟

هناك دائما نقاش يدور على وسائل التواصل الاجتماعي بين الأفراد الذين يحبون الصيف والأفراد الذين يفضلون الشتاء. ويشترك الطرفان فيها في إلقاء النكات الساخرة كنوع من الدعابة بين فريق محبي الصيف وفريق محبي الشتاء، ولا يمكن تحقيق إجماع في هذا الأمر!
ففي غزة، يجادل عشاق الصيف بأن لديهم ساعات أكثر في اليوم لقضائها مع العائلة والأصدقاء، والخروج إلى البحر، والاسترخاء بعد العمل ومشاهدة فيلم. وأستطيع أن أقول إن الصيف نابض بالحياة ومليء بالحياة في غزة، وخاصة على شاطئ البحر. فهناك الكثير من منافذ البيع الصغيرة التي تبيع الذرة والآيس كريم وغيرها من الأطعمة والمشروبات والعديد من الكافيتريات في البحر للترفيه عن الزوار.
أستطيع أن أرى شاطئ البحر مغطى بالزخارف والرسومات بألوان جميلة والأطفال يلعبون على دراجاتهم والناس يسبحون ويلعبون على الشاطئ. بالفعل، هذه صورة نابضة بالحياة لفصل الصيف في غزة، ولكن بمجرد انتهاء اليوم وعودة الناس إلى منازلهم، تبدأ الأوقات الصعبة.

 

أزمة الطاقة

منذ العقد الماضي، وتعاني غزة من عجز مزمن في إمدادات الكهرباء. وتعتمد غزة على 3 مصادر لإمداداتها بالكهرباء، الأول محطة لتوليد الكهرباء تقع في وسط قطاع غزة. والثاني هو إمدادات محدودة من خطوط الكهرباء القادمة عبر الحدود من مصر، والتي تم فصلها منذ عام 2017. أما المصدر الثالث والأكبر هو خطوط الكهرباء الإسرائيلية. حتى لو كانت المصادر الثلاثة تعمل بكامل طاقتها، فإنها لن تكون كافية لتوليد إمدادات تلبي متوسط الطلب في قطاع غزة.

 

الأسباب الصعبة

لقد أنشئت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة بعد أن بدأت السلطة الفلسطينية الحكم في تسعينيات القرن العشرين. ومع ذلك، فإن مولدات هذه المحطة تعتمد على الوقود وتعتمد على إمدادات ثابتة لمواصلة توليد الطاقة. فغزة ليست في مكان به إمدادات ضخمة من الوقود المتاح. ويتم توفير كل وقود غزة عبر إسرائيل.
وفي عام 2006، قصفت الطائرات الإسرائيلية محطة توليد الكهرباء في غزة بعد اختطاف جندي إسرائيلي واقتياده إلى قطاع غزة. أتذكر في ذلك الوقت، عشنا لبضعة أيام في الظلام حتى تم ربط الأحياء مرة أخرى بالشبكة. وتفاقمت المشكلة بعد سنوات بعد أن سيطرت الحكومة الحالية على غزة وفرض حصار على حركة الأفراد والبضائع، بما في ذلك الوقود لمحطة توليد الكهرباء.
وظلت المشكلة دون أي حل واستمر الطلب على الطاقة في النمو دون أي إمدادات. أما اليوم، لا يملك سكان غزة سوى 8 ساعات من الكهرباء و16 ساعة من انقطاع التيار الكهربائي. وغدا ينعكس الوضع، سيكون هناك 16 ساعة من الكهرباء و8 ساعات من انقطاع التيار الكهربائي. تتم مزامنة حياتنا مع هذه الدائرة المستمرة. وتقوم العائلات بترتيب مهامها لتناسب هذا الجدول الزمني المقيت. وأثناء توفر الطاقة؛ يبدأون في تشغيل مضخات المياه، وخبز العجين والقيام بالطهي، وتشغيل الغسالات، وتشغيل المصاعد في المباني العالية، والحصول على فرصة لشحن بطارياتهم لمدة 8 ساعات قادمة من الظلام.

 

كيف نعيش

مع اشتداد موجة الحر خلال صيف هذا العام، يواجه سكان غزة تحديات إضافية بجانب الوضع المتردي في الأصل.
نعم، الجميع يتأثر، والجميع يشعر بآثار موجة الحر. وفي بعض الأحيان، خلال النهار، لا ترى سوى الحد الأدنى من الحركة في الشوارع حيث يفضل الناس البقاء في المنزل في الظل. ولا توجد مصادر كثيرة للتهوية أو تكييف الهواء، لكنها لا تزال أفضل من الحرارة المباشرة من الشمس في الخارج. ومع ذلك، فإن الأسر التي تضم كبار السن والأفراد ذوي الإعاقة والأطفال حديثي الولادة والمصابين بأمراض مزمنة تتأثر في الغالب لأن الهواء الرطب جدا يمكن أن يجعل التنفس صعبا حتى في الداخل.
لا أستطيع التفكير في كيفية تكيفهم مع هذه المواقف الصعبة، خاصة مع محدودية إمدادات الطاقة وشح الكهرباء.
ولكن من ناحية أخرى، لا يمكن لأحد أن ينكر جمال الصيف في غزة. أماكن جميلة على الشاطئ، والقيام برحلات مع الأصدقاء، وعقد حفلات الشواء ولعب الكوتشينة. وواحدة من أجمل الأشياء في الصيف في غزة هو عندما يأتي الأقارب الذين يعيشون ويعملون في الخارج لزيارتها.
ونظرا لصعوبة السفر من غزة وإليها، لم تر بعض العائلات أبناءها أو بناتها أو أي من أقاربها منذ سنوات. إن لم شمل العائلات التي انفصلت عن بعضها البعض لمدة 5 أو 10 سنوات أو حتى لفترة أطول، مليء بالعواطف والذكريات ومشهد شجي بكل العواطف النبيلة.
أرى دائما أن سكان غزة مفعمون بالأمل، على الرغم من الأوقات الصعبة التي نعيشها، وأعتقد دائما أن سكان هذا المكان الصغير يمكنهم صنع المعجزات إذا توفرت لهم الموارد وحصلوا على مستحقاتهم وحقوقهم مثل سائر البشر.
تدعم الإغاثة الإسلامية المحتاجين في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1997 ولا تزال شريان الحياة للناس في غزة.
ساهم في مواصلة تقديم هذا الدعم. تبرع الآن.

محمد هو أحد المدونين ا لدينا. كل شهر، سيشارك قصصا من عمله مع الإغاثة الإسلامية.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2024 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158