Friday August 18, 2023

قبل اليوم العالمي للعمل الإنساني، يصف مدير المحتوى المرئي في الإغاثة الإسلامية، مجدي سمعان، السفر إلى مناطق النزاع والتقاط تجاربه أمام الكاميرا.

حطام المباني بعد زلزال سوريا وتركيا

مجدي بين حطام المباني بعد الزلزال الذي دمر سوريا وتركيا في شباط 2023

لقد نشأت في منطقة متنازع عليها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعرفت على عالم لا يراه معظم الناس إلا من خلال الأخبار. فالاضطرابات والألم والأمل والقدرة على الصمود – كانت هذه حقائق يومية بالنسبة لي.

وقد شكلت هذه التجربة المبكرة مهمة حياتي وأعدتني لدوري كمصور فيديو ومصور يعمل مع الإغاثة الإسلامية.

ففي عملي، سافرت إلى بعض أكثر الأماكن المنكوبة في العالم. من المناطق المتحاربة في سوريا، إلى الانفجار الكارثي في لبنان، وحتى القرى المنكوبة بالمجاعة في الصومال، وأفقر المناطق في مالي – رأيت الإنسانية في أضعف صورها. فعدستي هي أداتي لالتقاط هذه اللحظات والمشاعر الخام المجردة من أي ادعاءات أو زيف؛ لعل ذلك يساعد على استشعارها في هذه الأوقات الصعبة.

 

 

 

قوة الصورة وتأثير اللقطة

الإبادة الجماعية في سربرنيتشا

أفراد عائلة بوسنية يحزنون بجوار قبر أحد أقاربهم الذين قتلوا في الإبادة الجماعية في سربرنيتشا في المركز التذكاري في بوتوكاري، البوسنة

يقولون إن الصورة أو مقطع الفيديو يساوي ألف كلمة – ويمكن أن يكون نافذة على أكثر المناطق صراعًا في العالم وإطلالة واعية على حقيقة الحياة التي قد تظل غير مرئية لولا ذلك. بالنسبة للكثيرين، الصور هي رؤيتهم الأولى وربما الوحيدة للمآسي البعيدة. ولا تكمن قوة العدسة في الصورة التي تلتقطها فحسب، بل في الروايات التي تنسجها وتحكيها.

فخلال زيارتي إلى سوريا، قابلت أطفالا عايشوا الكثير من المآسي في سن مبكرة. كانت عيونهم تحمل قصصا عن مرارة الفقد والبقاء على قيد الحياة، ولكن أيضا الأمل. فالصور التي التقطتها هناك لا تحكي قصة أزمة استمرت 12 عاما فحسب، بل تظهر أيضا صمود النفس البشرية.

 

أثر مشاهدة الأزمات الإنسانية

إن وجودي في وسط هذه المعاناة الإنسانية العميقة والانتصار قد شكل حتما نظرتي للعالم. ففي القرى النائية في مالي، وجدت أفرادا تختلف حياتهم اختلافا جوهريا عن حياتي، ولكن أحلامهم ومخاوفهم وحبهم متشابهة.

كل عام على مدى السنوات الثلاثة الماضية، عدت إلى البوسنة للاحتفال بالذكرى السنوية لمذبحة سريبرينيتسا. أحضر مع آخرين صلاة الجنازة التي تقام على عشرات الضحايا الذين يتم العثور عليهم كل عام ويتعرف عليهم. يتم دفن هذه الجثث المكتشفة حديثا في ذكرى رسمية. التجربة مؤلمة، ولكنها ضرورية، وهي طريقة لتكريم أولئك الذين فقدوا حتى لا يطويهم النسيان ورسالة لتذكر الدروس التي علمنا إياها التاريخ.

كان الانفجار الذي وقع في لبنان في أغسطس/آب 2020 بمثابة درس بليغ عن كيفية السرعة التي يمكن أن تتغير بها الحياة. كنت هناك، ألتقط الآثار، وأطالع الصدمة في عيون الناس، والمجتمع يحاول أن يأتلف لإعادة البناء. لم تكن هذه الصور عن الدمار فحسب، بل أيضا عن قوة الشعب اللبناني.

 

 

مهمة قريبة من الوطن

وقعت كارثة هذا العام بالقرب من المنزل، في تركيا، حيث أقيم مع عائلتي. لقد سمح لي العيش في تركيا على مدى السنوات الـ 11 الماضية بالتواصل بعمق مع البلد وشعبه. عندما وقع الزلزال، لم أكن مجرد مصور يلتقط الأحداث. كنت جزءا من المجتمع. من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع الإغاثة الإسلامية، دعمنا وساعدنا المتضررين، وقدمنا المساعدات المادية والدعم العاطفي.

لقد علمتني تجربتي أنه حتى في أصعب اللحظات، هناك خيط مشترك للإنسانية يربطنا جميعا. فلقد سمحت لي عدستي برؤية هذا، وأعتقد أنه من مسؤوليتي أن أظهره للعالم. أريد أن يرى الناس الوجوه وراء العناوين الرئيسية، ليفهموا أن هذه ليست مجرد قصص عابرة تأتيكم من البلاد البعيدة. فلا يمكن أن نتفادى الشر والألم. بل يجب أن نشارك ونتعاطف ونتصرف بروح المبادرة والإقدام.

من خلال عملي مع الإغاثة الإسلامية، آمل أن أستمر في استخدام الكاميرا كصوت وأداة لإلقاء الضوء على ما هو غير مرئي. ففي النهاية، نحن جميعا نعيش وكأننا قرية واحدة ونتفاعل جماعيًا تفاعلًا لا مفر منه كما أن المشتركات التي تجمعنا متعددة؛ لذا من خلال التفاهم والتعاطف يمكننا ترك بصمة حقيقية.

يرجى الاستمرار في دعم الإغاثة الإسلامية حتى نتمكن من الوصول إلى المزيد من الأفراد الأكثر ضعفا في جميع أنحاء العالم. تبرع الآن.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2024 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158