جاء الإسلام دينًا خاتمًا ارتضاه الله عز وجل للبشرية جمعاء وكفل قيمًا سامية حتى قيام الساعة فحث على التراحم والتكافل وإغاثة الملهوف والتداوي بالصدقات، فالإسلام دين يحث على التكافل الاجتماعي، ويكفل للمحتاج وجوبًا ما يُقتطع من مال المسلمين ما يعين المحتاج على حياته من أموال الزكاة. وعلى كل مسلم أن يعلم شروط وجوب الزكاة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 227 البقرة
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 141 الأنعام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ لِمن استَطاعَ إليهِ سَبيلا».
الزكاة لغة هي النماء والزيادة، والزكاة شرعًا هي قدر معين من المال يتم إخراجه في وقت معين لطائفة معينة من المسلمين، كما أن الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة الواجبة التي لا يكتمل إسلام المرء دون الاعتراف بهم وتأديتهم.
الزكاة بأنواعها سواء كانت زكاة المال، زكاة الفطر، أو زكاة الذهب والفضة فريضة وركن من أركان الإسلام لذلك فإن الزكاة واجبة على كل مسلم توفرت فيه الشروط.
وأما من يمنعها جحودًا وإنكارًا منه وعدم اعتراف بها مع توفر شروطها فقد أجمع علماء الأمة على كفره وفي قصة أبو بكر رضي الله عنه خير شاهدٍ على ذلك.
حيث امتنع بعض المسلمين عن تأدية الزكاة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن أبي هريرة قال: (لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله.
قال أبو بكر: “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها”. قال عمر: “فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق”.
وأما عمن يمنعها بخلاً أو تكاسلاً منه فيدخل في حكم الفاسق الذي ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظيمة.
الزكاة واجبة على كل مسلم توافرت فيه شروط الوجوب. ذهب الحنفي إلى وجوب دفع الزكاة على كل مسلم بالغ عاقل يمتلك قدرًا معينًا من الثروة بمختلف أنواعها (أصول صافية) وقد بلغت أو تجاوزت حد النصاب.
أما الشافعي والمالكي والحنبلي يذهبون لوجوب الزكاة حتى على الأطفال وعلى أصحاب الجنون والاضطرابات العقلية في حال بلغت ثروتهم حدَ النصاب.
وللزكاة أهمية كبرى مما أدى إلى وجود قانون للزكاة وفقه الزكاة وشروط محكمة لها، و شروط وجوب الزكاة كالتالي:
1- الإسلام، فلا تجب الزكاة إلا على المسلم.
2- الحرية، لا تجب الزكاة على العبد فهو لا يملك من أمره شئ وإنما تجب فقط على الحر.
3- لابد للمال أن يكون حلال.
4- ملك وبلوغ النصاب، ويختلف حسب نوع المال الزكوي.
5- تمام واكتمال الحول، ما يعني مرور سنة هجرية كاملة على امتلاك المال، ويكون هذا الشرط في جميع أنواع الأموال الزكوية عدا الزروع والثمار فتجب عند الحصاد.
6- أن يكون النصاب من المال الفائض عن الحاجات الأصلية والضرورية كالمأكل والمشرب والملبس والسكن وكل ما هو ضروري للعيش.
7- الملكية التامة للمال.
8- النماء، أن يكون المال في نماء وقابل للنمو.
9- أن لا يكون على المال دين.
من هم مستحقين زكاة الفطر أو مستحي زكاة المال؟ تذهب الزكاة لمستحقيها ويطلق على ذلك في العادة مصارف الزكاة، وهم ثمان فئات تم ذكرهم في القرآن الكريم، سورة التوبة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
تلك الفئات هي الأشد حاجة لذلك المال المولَّد من الزكاة حتى يستطيعوا أن يحيوا حياة كريمة، فيما يلي الفئات الثمانية المستحقة للزكاة:
1- الفقراء الذين لا يجدون كفايتهم لمدة نصف سنة.
2- المساكين وهم أحسن حالاً من الفقراء لكنهم لا يمتلكون إلا مقدراً قليلاً جداً من المال.
3- العاملون عليها وهم من يتم تسليم مهمة جمع مال الزكاة لهم من قبل الجهات المسؤولة.
4- المؤلفة قلوبهم مجموعة من الناس الذين يراد تأليف قلوبهم على الإسلام أو من المسلمين الضعفاء الذين يود تثبيتهم عليه لضعف إسلامهم أو كفِّ شرهم عن المسلمين أو جلب منفعة منهم.
5- الرقاب وهم الأرقاء والعبيد وتشمل المسلم الذي وقع في أسر الكفار.
6- الغارمون من تحملوا الديون وتعذّر عليهم سدادها
7- الخارجون للمجاهدة في سبيل الله ويراد بهم هنا المجاهدين الذين خرجوا لقتال العدو لإعلاء كلمة الله، وقيل أيضًا إنها تشمل من تفرغ لطلب العلم الشرعي.
8- ابن السبيل من انقطع عن بلده ونفذت نفقته وهو على سفر، فيُعطى ما يقضي حاجته حتى يعود لوطنه، ويستحق حتى وإن كان غنيًا في بلده لكن تقطعت به السبل وهو على سفر.
بعد عرض شروط وجوب الزكاة فللزكاة حكم عظيمة وأهمية كبيرة في الدين الإسلامي.
للزكاة فائدة عظيمة وحكمة بالغة، فتعمل الزكاة على بناء مجتمع قوي متماسك يستشعر في الناس بحاجة بعضهم بعضًا ويسارعون في تأديتها، كما أنها تسمو بروح الإنسان المسلم فتعلمه العطاء وهي من النماء والزيادة فالبر والإحسان لا يثمران إلا خيرًا، وتحثه على التفكير بأن كل شئ وكل ما يمتلك عائد لله؛ لذلك لابد من مساعدة الآخرين وبذل ما يملك ابتغاء مرضاة الله تعالى وتأدية فروضه.
المصادر