بينما نودع عام 2023، تستعرض رئيسة الدعوة العالمية في الإغاثة الإسلامية، شاهين أشرف، الأحداث وما تركته من منجزات أو إخفاقات سواء على مستوى القانون أو الأزمات الإنسانية، وآخر مستجدات الملف المناخي.
تُشكِّل التحديات التي تؤثر على الحقوق العالمية تهديدًا للأمن العالمي. ففي عام 2023، شهدنا تراجعًا في الالتزام بالحقوق الأساسية، مثل حرية التعبير وحق التجمع السلمي. تحديات أوسع نطاقًا وتهدد حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الحياة، وحرية تأسيس الجمعيات، وحق الخصوصية، والحماية من التوقيف التعسفي، والاحتجاز، والتعذيب، وسوء المعاملة.
في نوفمبر/تشرين الثاني، قررت المحكمة العليا في المملكة المتحدة الوقوف بوجه سياسة الحكومة التي تهدف إلى ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، وهو قرار أكد الامتثال للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين.
إلى جانب التحديات القانونية، نجد أن الأزمات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم تستدعي اهتمامًا عاجلًا واستجابة فورية. أما في الإغاثة الإسلامية، فنحن نسعى جاهدين لتقديم المساعدة في هذه الأزمات. قدمنا مساعدات حيوية للمنكوبين في أفغانستان والمغرب ونيبال وتركيا وسوريا، دون أن ننسى غزة وفلسطين المحتلة، حيث نشهد جميعًا مأساة إنسانية تحتاج إلى دعمنا وتضامننا.
كنا حياةً للمجتمعات التي تأثرت بالفيضانات في بنغلاديش وليبيا، وكنا داعمين للأسر الجائعة في مناطق القرن الأفريقي المنكوبة بالجفاف، وقد بذل موظفو منظمة الإغاثة الإسلامية جهودًا جبارة لتخفيف معاناة الأفراد العاديين خلال اندلاع النزاع في السودان. تتسابق الأزمات الإنسانية من أجل الحصول على الدعم والاهتمام من مؤسسات التمويل المشتركة، وهو ما يؤكد ضرورة العمل الجماعي.
بعد مُضي نحو ثلاثين عامًا من المثابرة والجهود التي شهدت تقدمًا تدريجيًّا وعقباتٍ اعترضت المسار، تمخض مؤتمر المناخ البارز المعروف إعلاميًّا باسم “قمة المناخ COP28” عن اتفاق تاريخي. تمثل هذه الاتفاقية البارزة ترتيبات تمويلية وإنشاء صندوق خاص للتعامل مع الخسائر والأضرار، وخصوصًا لصالح البلدان الفقيرة التي تتعرض بشدة لتأثيرات تغير المناخ.
تُشكل هذه الخطوات الحذرة نقطة تحول في التزامنا العالمي بمكافحة أزمة المناخ، ومع ذلك، لا تزال التكلفة البشرية والاقتصادية للأزمات والكوارث موزعة بشكل غير عادل.
إن عصر العمل الإنساني الناشئ يثير دائمًا في النفس شعورًا متجددًا بالضرورة الملحة والمسؤولية، حيث تجد الحكومات، التي عاشت لعقود بلا عقاب، نفسها اليوم أمام منعطف مهم أمام الالتزام العالمي. وغالبًا ما يكون لانفصال السلطات عن الأزمات الإنسانية العاجلة، التي تعصف بمناطق مختلفة نتيجة لفترات طويلة من الانفلات والفوضى، عقبات على مدار الزمن. وقد انعكست هذه الواقعة بشكل مأساوي في عدد الضحايا الذين فقدوا حياتهم، والمأساة التي حصدت حياة أكثر من 21,000 فلسطيني، وشهدنا كارثة إنسانية هائلة كما تصفها الأمم المتحدة.
تتجسد تحديات تقاعس الحكومات بوضوح، مما يُعرِّض سكان الكوكب للخطر، ويجعل الحاجة إلى التغيير أكثر إلحاحًا. وبينما نستكشف تفاصيل العلاقات الدولية المعقدة، تصبح مجابهة الوضع الراهن وإلزام الحكومات بالاضطلاع بمسؤولياتها هي أولى أولوياتنا. وتعمل هذه المدونة بوصفها منصة لرفع الأصوات التي تطالب بالمساءلة وتشجيع إعادة تقييم الأولويات والسياسات. في الفصول القادمة من عام 2024، نجد أنفسنا في مفترق طرق يتردد فيه صدى المطالبة بـ”الحكم المسؤول” أكثر من أي وقت مضى، ونسعى جاهدين للدخول في عصر يهيمن فيه السعي نحو تحقيق العدالة والرحمة على ظلال الفرص المضيعة.
في مواجهة هذه الأزمة، يجد القادة الغربيون أنفسهم في مأزق وعجز ظاهر، حيث يصبحون غير قادرين على التدخل بفعالية. فالحواجز السابقة التي كانت تَحُول دون استفحال الأزمات من الانفلات -مثل معاهدات السلام والمساعدات الإنسانية والمساءلة القانونية لانتهاكات القانون الدولي- أصبحت الآن هشة أو غير فعالة.
مع اقتراب عام 2024، يترقب المجتمع الدولي تطور الأحداث عن كثب، ولا ينقطع الأمل في تجاوز العراقيل المفروضة. إن الأمل في غد أفضل يدعونا إلى العمل الإنساني بشكل عاجل، وإظهار التعاطف والقيام بالمسؤوليات لمواجهة التحديات العاصفة التي تعاني منها المجتمعات في أزمنة الأزمات. إنها لحظة تتطلب التوعية وأيضًا إظهار قيادة رحيمة وتنظر بعين إنسانية في ظل أوضاع مأساوية معقدة والقدرة على إحداث تغيير إيجابي.
السؤال الذي نسعى للإجابة عنه هو: كيف يمكننا البدء في تخفيف معاناة الإنسانية؟ يتطلب ذلك التزامًا جماعيًّا بمعالجة أسباب الصراعات والاضطرابات الاقتصادية وأزمة المناخ على حدٍّ سواء. بعيدًا عن الأُطُر القانونية والاتفاقيات الدولية، فإن ذلك يحتاج إلى تعاطف وتعاون وابتكار لضمان توزيع أكثر عدالة للموارد والفرص والحماية.
في ضوء تحديات النزاعات وأزمات المناخ، يجب علينا أن ندرك بأن ملايين الأفراد يحتاجون بشدة إلى المساعدة الإنسانية، والوقت الحالي هو الأكثر إلحاحًا. رغم الجهود الملموسة والاستجابات غير المسبوقة لنداءات النجدة المحددة، فإن الفجوة التمويلية قد توسعت للأسف.
بينما نودع عام 2023 ونستقبل 2024، فإن الدعوة إلى العمل واضحة: المساهمة والتبرع يمكن أن يكونا دافعًا للتغيير الإيجابي في العام القادم. لنتحد جميعًا في مواجهة هذه الفجوة الحرجة. ومن خلال دعم نداءات التمويل الإنساني، يمكننا سد الاحتياجات ورفع حالة المجتمعات، وأن نكون أملًا لأولئك الذين يواجهون الصعاب في الحياة.
نشكر جميع داعمينا وشركائنا الرائعين الذين ساهموا في جهودنا في عام 2023، ونتطلع إلى مواصلة العمل معكم في العام المقبل.
لمواصلة دعم الإغاثة الإسلامية في عام 2024 وتمكيننا من الوصول إلى المزيد من المحتاجين، يرجى التبرع الآن..