“آثار الزلزال لا تزال مستمرة في إندونيسيا، لقد استغرق الأمر يومين للسفر من جاكرتا إلى بالاروا، وهو منطقة في سولاويزي الوسطى بإندونيسيا، داخل مدينة بالو. تستغرق الرحلة عادة أقل من 3 ساعات، وبعد أن بلغنا الوجهة، تبين لنا أنه لا يوجد شيء على حالته الطبيعية.” هذا ما أخبرنا به شاهد العيان: انانغ سوبانا ديرجا، رئيس بعثة الإغاثة الإسلامية في إندونيسيا
في 28 سبتمبر 2018، ضرب زلزال تسونامي وسط سولاويزي. أدت الكارثة الأولية إلى انهيارات أرضية وفيضانات كاسحة وحوادث سيل في الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك، قُتل على إثرها أكثر من 4000 نفس وما زالت الأحياء تتعافى من الجراحات الجسدية والنفسية بعد أربع سنوات.
وصلت بعد 3 أيام من الكارثة، لأجد بالاروا في ظلام دامس تقريبًا بسبب آثار الزلزال بعد رحلة طويلة مضنية قطعناها بالسيارة، ثم توجهنا إلى تل حيث تجمع العديد من الناس بحثًا عن الأمان في المناطق المرتفعة.
قابلت أبًا يبني ملجأ مؤقتًا عبارة عن بطانية ببعض أشجار الخيزران، كانت البطانية هي كل ما حازه من الدنيا لحماية زوجته وأطفاله، كان كثير من الناس يبنون ملاجئ مماثلة.
ولكن بالعمل مع السلطات المحلية، قررت توزيع المساعدات التي حصلت عليها في سيارتي – القماش المشمع وبعض صناديق المياه ومولد الكهرباء والمصابيح، وعندما أشعلت المحرك، تلاشى الظلام، وارتاح الناس على الأقل ليكونوا قادرين على الرؤية بشكل أفضل وشحن هواتفهم.
تعرضت شاحنة أخرى تحمل الأرز والمياه والقماش المشمع والبسكويت للأطفال للنهب للأسف وهي في طريقها إلى بالاروا، كانت مثل هذه الحوادث شائعة في الأيام التي أعقبت الكارثة عندما وجد الكثير من الناس أنفسهم يائسين تمامًا.
لقد شاهدت البؤس في أعينهم كانت نظراتهم تروي معاناتهم وكفاحهم وتتململ بسبب ندرة المساعدات، في كل مكان نظرت فيه رأيت المباني المتضررة وأناس يعيشون في العراء دون مأوى يظلهم.
لقد التقيت بشاب يبكي أخبرني أن الأرض ابتلعت منزله أثناء الكارثة وآثار الزلزال المدمر، وتعرضت ساق أخته للكسر في الحادث وفقد والدته، وبعد أن كانت في المنزل في ذلك الوقت، أخبرني الرجل كيف كان يعود كل يوم للبحث عن جثة والدته بينما كان والده يقف بجانب بقايا المنزل وكأنه متجمد.
ما زلت أسمع صوته يخبرني أنه قضى الأسبوع الماضي في البحث عن الطعام، حيث قال إنه ربما كان سيقدم على السرقة وأعمال النهب كي يسد جوعه وحاجته لو لم تقدم له الإغاثة الإسلامية الماء والأرز.
منذ تلك الزيارة الأولى في 2018، قمت بما لا يقل عن 5 رحلات إلى بالاروا في كل مرة، رأيت المزيد من التقدم في الجهود المبذولة لإعادة بناء المجتمع وإعادة توطين شعبه.
لقد ساهمت الإغاثة الإسلامية في دعم العائلات بعدما تركت آثار الزلزال المدينة في وضع مزرٍ، حيث تم تقديم قسائم نقدية للعائلات المتضررة واستخدموها لشراء الأدوات والمعدات والمخزون لمزاولة الأعمال التجارية التي تم توقفت أنشطتها بسبب الكارثة.
وفي عام 2021، التقيت بنساء يبعن الحليب المثلج ويدرن الأكشاك، ورجلًا يقود دراجة نارية بالمال الذي قدمته الإغاثة الإسلامية.
لاحقًا، قمنا بدعم النساء لكسب عيش مستدام من خلال مشاريع تدر دخلًا بما في ذلك برنامج زراعة العسل الذي يعلم كيفية إنتاج المنتج وتسويقه، ثم بدأنا برنامج استزراع الأسماك، بأحواض سهلة التركيب والنقل ومقاومة للزلازل.
من بين أهم أنشطتنا في بالاروا هو الحد من مخاطر الكوارث، إندونيسيا شديدة التأثر بالطقس والكوارث المرتبطة به وبتغير المناخ الذي يزيد الوضع سوءًا، إضافة إلى مساعدة المجتمعات على التقاط الأشياء بعد الكوارث، يجب أن نساعدهم على الاستعداد وحماية أنفسهم من الحوادث المستقبلية.
أحد الأشخاص الذين قابلتهم خلال رحلتي الأولى إلى بالاروا في عام 2018 وكان جزءًا من هذا العمل، كان لقمان قائدًا شابًا في قريته؛ وقد أشرف على تسجيل الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى بعد الكارثة وإيجاد مكان لهم في المخيم.
عندما التقيته مرة أخرى هذا العام، كان يستخدم المعرفة التي تعلمها من تدريب الإغاثة الإسلامية للمساعدة في تحديد وإنشاء أماكن إخلاء مناسبة في المكان.
في آخر زيارة لي إلى بالاروا، في يونيو من هذا العام رأيت تقدمًا حقيقيًا، شاركت العديد من الأمهات فرحتهن عندما بدأن في جني المحصول الناتج من برنامج زراعة العسل، بينما تحدث المشاركون في زراعة الأسماك بحماس عن تأثير ذلك على حياتهم.
أعادت هذه المحادثات إلى السكان التأثير الإيجابي الذي حققته الإغاثة الإسلامية في بالاروا. لقد كنا مع الناس هنا منذ الأيام الأولى للكارثة وما زلنا نقف معهم بعد 4 سنوات، ونساعد في إعادة بناء مستقبل أفضل وتعزيز مرونة المجتمع.
لقد أشادت الحكومات الوطنية والمحلية بجهودنا وأنا فخور حقًا بالتغيير الذي ساعدت الإغاثة الإسلامية في تحقيقه في هذا المجتمع، أنا فخور بأننا لم نكن فقط من بين الأوائل الذين قدموا المساعدة للمتضررين من الكارثة، ولكننا أيضًا بقينا بجانبهم أثناء تعافيهم.
يمكن لكوارث مثل تلك التي وقعت في وسط سولاويزي أن تغير حياة الناس في لحظة، لكن تأثيراتها السلبية شعرت بها المجتمعات لسنوات، البعض لا يتعافى أبدًا، لكن بفضل الدعم المستمر والطويل الأمد من الإغاثة الإسلامية، تمكنت بالاروا من إعادة البناء وتحسن واقع السكان المحليين.
مساعدتكم تساهم في مواصلة هذا الدعم الحيوي.
تبرع الآن.