أحكام الصيام هي جزءٌ لا ينفصل عن فهمنا للصيام وتعريفه، والصيام في اللغة هو الإمساك عن فعل شيء ما. أما الصيام كمصطلح شرعي يعني “التعبُّدُ لله سبحانَه وتعالى، بالإمساكِ عن الأكلِ والشُّربِ وسائِرِ المُفَطِّراتِ، مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ”
شرع الله الصيام للمسلمين كما شرعه للأنبياء والرسل من قبل، فهي عبادة تجمع الروح والجسد وتهذّب النفس وتزيد من التراحم بين المسلمين، فهي تشعر الغني بالفقير، وتذكّر القوي بالضعيف.
والصيام ليس فقط صيام الجسد عن الطعام، ولا صيام الجوارح عن بعض الأعمال، بل هو صيام القلب عن خواطر الذنوب، وصيام اللسان عن الوقوع فيما يغضب الله وصيام والعين عن النظر إلى ما حرّم الله، وهو انقطاعُ العبد عن ملذات الدنيا وتفرغه لمولاه سبحانه وتعالى.
نزلت آيات فرض الصيام على المسلمين في شعبان من العام الثاني للهجرة، حينما أمر الله عز وجل المسلمين فقال في سورة البقرة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون”، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم كُل شهر رمضان في هذا العام وصام في حياته تسع رمضانات.
أجمع علماء الإسلام على أحكام الصيام، وهي أن حكم صيام رمضان فرض عينٍ على كل مسلم بالغٍ قادر عاقل، وهو ركن من أركان الإسلام الذي لا يتم إسلامُ المسلم إلا به، ومن تركه وهو يعلم أنه فرض فهو على خطرٍ شديد يهدد كيان دينه بالكامل.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان” رواه البخاري ومسلم.
فُرِضَ الصيام على كل مسلم مستوف هذه الشروط، وهذه الشروط هي من رحمة الله عز وجل بعباده، حتى يطيق المسلمون ما فرضه الله عليهم وتصديقاً لقول الله عز وجل في كتابه الكريم: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” – سورة البقرة، وشروط الصوم هي جزءٌ من أحكام الصيام وهي:
1- البلوغ: فلا يجب الصيام على الصبيان والفتيان ولو كانوا في سن المراهقة
2- العقل: فلا يجب الصيام على من فقد عقله.
3- القدرة: فلا يجب الصيام على المريض أو كبير السن الذي سيمرضه أو يؤذيه الصيام، ولذلك كانت هناك فدية الصيام.
4- الإقامة: فمن رحمة الله أن أباح الفطر للمسافر وسنّ له قضاء ما فاته من أيام سفره.
وأما عن شروط صحة الصيام فهي:
1- النية: يجب أن ينوي الصائم الصيام من أول آذان الفجر وحتى المغرب، ولا يصح صيامه إذا لم يأكل أو يشرب من الفجر إلى المغرب بدون نية.
2- التمييز
3- أن يوافق صيامه زمن الصيام الذي شرعه الله وهو من آذان الفجر حتى آذان المغرب.
4- الطهارة للرجال والنساء
ومن أهم أحكام الصيام في رمضان هي حكم من أصابه مرض أثناء أيام رمضان وفي ذلك قال الله عز وجل (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَريضَاً أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍۢ) [البقرة: 184]
فمن كان مريضاً بمرض يمكن الشفاء منه فعليه القضاء بعد الشفاء، وأما من كان مريضاً فحكم صيام رمضان في هذه الحالة يكون مرفوعاً عنه، وعليه فدية الصيام وهي: أن يطعم مسكيناً عن كل يوم من متوسط ما يأكل هو يومياً من الطعام.
ولأن دين الإسلام دين يشمل كل نواحي الحياة وكل أحوال المسلم، فقد شرع الله أيضاً رخصةً للمسافر أن يفطر أثناء صيام رمضان، وذلك لأن أحكام الصيام بالرغم من وضوحها ودقتها إلا أنها أحكام رحيمة وتراعي ظروف الإنسان في كل وقت ومكان. فإذا سافر الإنسان بإمكانه أن يفطر أثناء سفره، ثم يقضي صيام هذه الأيام بعد رمضان.
أحكام الصيام في رمضان تختلف عن أحكام الصيام في غيره من أيام التطوع، فصيام التطوع هو من سنن النبي صلى الله عليه وسلم التي ثبتت عنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم أيام الاثنين والخميس من كل أسبوع ويصوم الأيام البيض من الشهور القمرية، وأحكام الصيام للتطوع هي:
1- لا يشترط نية مسبقة: ذهب جمهور العلماء أنه لا يشترط أن يكون بنية مسبقة، يعني أن المسلم بإمكانه أن ينوي الصيام في أي وقت خلال اليوم شرط أن لا يكون قد شرب أو طعم من بعد آذان الفجر.
2- ليس عليه كفارة، فإذا أفطر المسلم من صيام تطوعه فليس عليه كفارة، إلا إذا كان هذا الصيام نذراً.
ومن أحكام الصيام أحكام القضاء، وهي كما وردت في كتاب الله وسنة نبيه كالتالي:
1- صيام يوم عن كل يوم أفطرته
2- صيام أيام القضاء قبل حلول رمضان أخر
3- إذا لم تقض أيام القضاء قبل حلول رمضان، فيجب قضاء هذه الأيام بعد رمضان، ولكن مع وجود كفارة إطعام مسكين من أوسط ما تأكل عن كل يومٍ تقضيه.
صيام رمضان هو فرصةٌ ذهبية للإنسان لكي يتحرر من ماديته ورغباته ويسمو بروحه مع الله عز وجل، وهي فرصة لتجسيد معاني الرحمة والتكافل في الإسلام بين المسلمين، ونحن في الإغاثة الإسلامية نستقبل صدقاتكم وزكاتكم ونوصلها للأشد احتياجاً في أكثر من 30 دولةً حول العالم ليعم الخير والرحمة في قلوب المساكين والفقراء، وليكون رمضان أنساً لكل شريدٍ ووحيد، وأملاً لكل يائس، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
تبرع الآن
الإغاثة الإسلامية عبر العالم
إيمان يلهمنا العمل