زواج القاصرات هو أزمة متواجدة حيث كل 3 ثوان في مكان ما في العالم تتزوج طفلة وهي دون سن الثمانية عشر عامًا، وتواجه الكثيرات منهن مخاطر متزايدة من الاستغلال والاعتداءات وسوء الرعاية الصحة، أوليفيا * فتاة صغيرة من بين الكثيرين حول العالم تزوجت من رجل أكبر سنًا منها.
وفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان في بنغلاديش يتزوج ما يقرب من 51٪ من الفتيات لأول مرة قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، وحوالي 1 من كل 5 فتيات يتزوجن حتى قبل سن 15 عامًا.
فكما تقول شارمين ربا من الإغاثة الإسلامية في بنغلاديش: “بالنسبة لبعض العائلات، يُنظر إلى الزواج أحيانًا على أنه السبيل الوحيد للنجاة”، كما أوضحت أن الفقر هو العامل الرئيسي وراء زواج القاصرات، نظرًا لأن بعض الآباء يرون الفتيات عبئًا ماليًا، وعادة ما ترتفع تكلفة زواج الفتاة مع تقدم عمرها، ولذلك فإن تزويج بناتهن مبكرًا هو وسيلة لتقليل التكلفة المرتبطة بالزواج.
يؤذي الزواج القسري وزواج القاصرات الفتيات الصغيرات أكثر من غيرهن، لأنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي والاعتداء والاكتئاب، وكذلك الحمل المبكر، مما قد يؤدي إلى العديد من المضاعفات الصحية لهن ولأطفالهن.
وفي العادة ما تتعرض الفتيات اللاتي يقاومن الزواج القسري لضغوط هائلة من عائلاتهن وقد يصل الأمر في بعض الأحيان للتهديد بالعنف في العديد من البلدان، وهذا ناتج عن نقص المعرفة والمعلومات الصحيحة إلى جانب وصمة العار والحواجز الثقافية والتي بدورها تقف عائقًا أمام الفتيات من معرفة حقوقهن.
أوليفيا *، 33 عامًا، هي عضو في مجتمع السانتال الأصلي في بنغلاديش، حيث كانت تبلغ من العمر 13 عامًا فقط عندما قدمها والدها لرجل أكبر منها بكثير، وقيل لها ذات ليلة إنها ستتزوج، تقول أوليفيا “لم أفهم معنى الزواج على الإطلاق، لذا لم أجادل في ذلك.” ومثل العديد من الأطفال في مواقف مماثلة، لم يكن لأوليفيا التي تخلت بالفعل عن تعليمها بسبب الزواج رأي في هذا الأمر.
كان الرجل الذي تزوجته أوليفيا مطلقًا بالفعل وعاطلًا عن العمل ولديه مشكلة خطيرة في تعاطي الكحول، وبعد الزفاف أرسلها والديها الفقيران للعيش مع زوجها الجديد، ومن ثم تدهور وضعها على الفور.
تعرضت أوليفيا لسوء المعاملة والإيذاء الجسدي، ولم تحصل على أي طعام تقريبًا ولم يُسمح لها بمغادرة المنزل، وتصف لنا أوليفيا عن الوضع الذي مرت به فتقول: “لم يكن هناك يوم واحد لم أتعرض فيه للضرب من قبل زوجي، كان يضربني بلا رحمة دون أي سبب، ولم أكن أملك اي مكان للذهاب إليه، شعرت بالعجز الشديد”.
حملت أوليفيا في وقت مبكر من زواجها، الأمر الذي جعل وضعها أسوأ، واستمر زوجها في ضربها طوال فترة حملها، وهي على علم أن الأطفال سيعانون من وطأة غضبه.
تعبر أوليفيا عن شعورها قائلة: “أحيانًا كنت أفكر في الانتحار، وكان الشيء الوحيد الذي يوقفني هو التفكير فيمن سيعتني بأطفالي في غيابي، وبالتفكير في الواقع القاسي الذي سيضطرون للعيش فيه، امتنعت عن الانتحار”.
مع العلم أنها لا تستطيع الاستمرار في العيش مع هذا الانتهاك، قررت أوليفيا إشراك عائلة زوجها وعمدة قريتها في الأمر؛ لكنهم أجبروها على البقاء مع زوجها، ولم يقف الأمر عند ذلك بل احتاجت أوليفيا أيضًا إلى العمل لإعالة أطفالها، لأن زوجها لم يكن لديه وظيفة ثابتة وأضاع المال القليل الذي كسبه على الكحوليات.
حصلت أوليفيا على وظيفة موسمية تعمل في الحقول، لكنها لم تتقاض الكثير، وكان ذلك عندما سمعت عن مشروع الإغاثة الإسلامية للأقليات العرقية في نوابغانج في عام 2020، وبتمويل من Forum Civ، دعمت المبادرة 600 امرأة لتعزيز حقوقهن وكرامتهن وقدراتهن على توفير دخل، وانضمت أوليفيا إلى المشروع الذي عقد اجتماعات جماعية منتظمة.
قررت أوليفيا المشاركة في مجموعة المساعدة الذاتية لتعليم النساء حقوقهن الاقتصادية والقانونية، واكتسبت معرفة لا تقدر بثمن حول مجموعة من القضايا، مثل العنف ضد النساء والفتيات، والصحة والنظافة، وزواج القاصرات، والمهر، وكجزء من تدريبها تعلمت أيضًا كيفية العثور على عمل وتوفير المال.
بعد أن أصبحت أكثر ثقة وإدراكًا لحقوقها، وجدت أوليفيا الشجاعة لطلب المساعدة لوقف العنف الذي كان يمارسه زوجها عليها وعلى أطفالها، بعد الاتصال برقم الطوارئ الذي تعرفت عليه من الإغاثة الإسلامية، تلقت أوليفيا مساعدة الشرطة لتقديم شكوى ضد زوجها، الذي وقع أوراقًا تفيد بأنه لن يؤذي أوليفيا وأطفالها.
أدى ذلك إلى اعتذاره، ومغادرته للعثور على وظيفة في العاصمة، حيث يعمل الآن كسائق ويرسل المال إليهم كل أسبوع، وبدأت أوليفيا في تربية الماشية، وتستكمل أوليفيا قائلة: “أنا الآن قادر على ادخار بعض المال بعد أن قمت بتسديد جميع ديوني، وأحلم يومًا ما بأن يكون لدي مزرعة دواجن خاصة بي وأن أمنح أطفالي الفرصة للحصول على التعليم والتعرف على حقوقهم”.
تقول أوليفيا إنها ممتنة للغاية للإغاثة الإسلامية، وتختتم أوليفيا قائلة: “لم يكن لدي أي فكرة عن حقوقي، كان عليّ أن أعاني كثيرًا وظللت صامتًة أثناء القمع الوحشي من قبل زوجي، أنا ممتنة لمنظمة الإغاثة الإسلامية ”
ساعدنا في الإغاثة الإسلامية على مواصلة عملنا لحماية حقوق أعضاء العالم الأكثر ضعفًا والتأكد من أن النساء مثل أوليفيا يمكن أن يكتسبن القوة والسيطرة على مدار حياتهن، تبرع الآن.
* تم تغيير الاسم حفاظا على هويتها.