فيضانات باكستان، محنة أصابت باكستان وسجلت أسوأ كارثة طبيعية منذ عقود حيث تسببت فيها تغيرات المناخ مخلفة خسائر كبرى للشعب الباكستاني مازال يعاني ويلاتها إلى الآن بعد مضي أكثر من 12 شهرًا.
تحكي عظيمة إحدى الناجيات قصتها، “لقد بدأنا العمل في أرضنا، حيث نزرع بذور الأرز الآن” وهي أم معيلة فقدت كل شيء عندما دمر منزلها بسبب الفيضانات الكارثية قبل عام واحد. وفي عام 2022، تعرضت باكستان لأسوأ فيضانات في الذاكرة الحية. كانت التداعيات شديدة لدرجة أنه يصعب استيعاب حجم الخسائر التي خلفتها الكارثة.
تأثر 33 مليون إنسان – 1 من كل 7 باكستانيين – بطريقة أو بأخرى من عاقبة الفيضان، وغمرت المياه ثلث البلاد. وقدرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والاقتصاد بمبلغ 30 مليار دولار (حوالي 24 مليار جنيه إسترليني). وهنا أطل الفقر والعوز ببراثنهما على ملايين الناس بعد أن فقدوا ماشيتهم وأراضيهم ووظائفهم. وعندما تمكنت عظيمة في نهاية المطاف من العودة إلى قريتها في إقليم السند، عاشت في خيمة لشهور عدة مع ابنتها رباب. باشرت عظيمة مهنة الحياكة لجيرانها من القرويين، وكسبت ما يكفي من المال لشراء الطعام، لكنه لم يكن كافيا لتلبية جميع احتياجات الأسرة.
تقول عظيمة “كنا يائسين تماما وفقدنا كل شيء حتى جاءت الإغاثة الإسلامية إلى قريتنا”؛ موضحة أن الإغاثة الإسلامية ركبت مضخات يدوية وبنت مراحيض جديدة في المنطقة، فضلا عن تقديم منح نقدية لمساعدة السكان على تلبية احتياجاتهم اليومية. ثم تواصل الحديث “لقد أعدنا بناء منزلنا باستخدام المنحة النقدية والآن اكتمل بعد عام كامل ظللت فيها مقيمة في الخيام. لقد بدأنا نعيش نفس الحياة التي كنا عليها قبل الفيضانات. وابنتي صارت تذهب إلى المدرسة أيضا وآمل أن أراها ناجحة في الحياة”.
عظيمة (يمين) وابنتها رباب
عظيمة ورباب من بين 1.5 مليون إنسان تضرروا من الفيضانات وقد نجحت الإغاثة الإسلامية في الوصول إليهم حتى الآن للمساعدة في إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم. وجدير بالذكر أنه اعتبارا من 3 أغسطس/آب 2022، بدأنا استجابتنا الطارئة في إقليم بلوشستان، وتوسعنا بسرعة لتوزيع المساعدات الحيوية في مقاطعتي السند وخيبر بختونخوا. وشمل ذلك توفير الضروريات التي تشتد الحاجة إليها مثل الغذاء ومستلزمات النظافة والمياه والمأوى، إلى جانب المنح النقدية لمساعدة الناس على تلبية احتياجاتهم الفورية.
كارثة طبيعية تعني المزيد من الدعم الإغاثي طويل الأجل
في السنة التي تلت الفيضانات، انتقل دعم الإغاثة الإسلامية من الاستجابة الطارئة إلى برامج التنمية طويلة الأجل التي تهدف إلى إعادة بناء المجتمعات المنكوبة جراء الكوارث الطبيعية. نحن ندرك أن الأمر سيستغرق سنوات لمساعدة بعض العائلات على الاعتماد على أنفسهم مرة أخرى ونلتزم بتقديم دعمنا المستمر حتى يصبح حقيقة واقعة وينتشل الناس من وطأة الأزمة. إن الحاجة الأكثر إلحاحا لأولئك الذين فقدوا كل شيء هي تأمين ملاجئ دائمة ومساكن، حيث تفتقر آلاف العائلات إلى الأموال والموارد الأخرى لإعادة بناء منازلها المدمرة. كما أن هناك حاجة ماسة إلى المدارس حيث دمرت الكثير منها في الكارثة، مما ترك الأطفال دون فرصة للتعلم، في حين جرفت المياه المرافق الصحية الحيوية أيضا. وتقوم الإغاثة الإسلامية ببناء ملاجئ خالية من الكربون ومقاومة للكوارث وصديقة للمناخ في السند وبلوشستان.
توزيع عبوات غذائية في ميربور خاس، السند، في أغسطس/آب 2022
والآن عاد العديد من السكان والأهالي إلى قراهم الأصلية، وتتواصل أعمال إصلاح المرافق الصحية. كما قدمت الإغاثة الإسلامية مجموعات من مستلزمات الأطفال حديثي الولادة للأمهات تحتوي على مواد للتعامل مع سوء التغذية والالتهابات. نظرا لأن آلاف الأطفال يفتقدون الرعاية الحيوية بسبب البنية التحتية المدمرة، فقد أنشأت الإغاثة الإسلامية مراكز تعلم مؤقتة تضمن استمرار الأطفال في تلقي مستوى معين من التعليم. كما نظمنا جلسات إعلامية وتوعوية حول النظافة ومخاطر الأمراض المنقولة عن طريق المياه.
بينما نقيم ونلبي الاحتياجات على أرض الواقع، ندعو المجتمع الدولي إلى مساعدة باكستان على الوقوف على قدميها من جديد. ومما لا شك فيه أن تغير المناخ أثر على شدة الفيضانات، وباكستان من بين البلدان الأكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ. ومع ذلك، فهي مسؤولة أيضا عن 0.88٪ فقط من الانبعاثات العالمية – أقل من 1/8 من نصيب الفرد في الولايات المتحدة و1/3 ثلث المملكة المتحدة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدرنا تقريرا يكشف عن التأثير المدمر الطويل الأجل للفيضانات، ونقول إن الدول الغنية يجب أن تفعل أكثر من ذلك بكثير لتعويض الناس الأكثر تضررا من تغير المناخ.
وفي معرض حديثه بمناسبة إطلاق التقرير في إسلام أباد، قال وسيم أحمد، الرئيس التنفيذي لمنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية: “لا يمكن لأي مبلغ من المساعدات المالية تعويض أولئك الذين فقدوا أحباءهم ورأوا منازلهم وكل ما يملكونه مدمرا وذهب إلى غير رجعة. لكننا بحاجة إلى رؤية العدالة المناخية، حيث يجب أن يدفع أكبر الملوثين ثمن الأضرار والدمار الناجم عن تغير المناخ”. فقد أنقذت الاستجابة الطارئة للفيضانات في باكستان العديد من الأرواح، ولكن مع انحسار مياه الفيضانات انحسرت معها الالتزامات الدولية أيضا والتعهدات بتقديم المساعدات. ولم تتحقق بعد مليارات الدولارات من تعهدات المانحين، وفشل المجتمع الدولي في الوفاء بوعوده للحد بشكل كبير من الانبعاثات العالمية، ومساعدة المجتمعات الأكثر تضررا على التكيف مع التغيرات المناخية، وتقديم التمويل المناخي لدول مثل باكستان. لقد حان الوقت لأن يترجم قادة العالم الخطاب إلى واقع ملموس”. وتجدر الإشارة إلى أن عملنا في الحملات يسير متزامنًا مع استجابتنا لحالات الطوارئ وبرامج التنمية، لمعالجة الأسباب الجذرية للمعاناة في المجتمعات التي نخدمها في باكستان وخارجها.
بعد مرور عام على فيضانات باكستان، لا تزال الحياة اليومية صعبة بالنسبة لملايين المتضررين. الرجاء مساعدة الإغاثة الإسلامية على الاستمرار في دعم المحتاجين. تبرع لنداء فيضانات باكستان الآن.