شهد لبنان في الرابع والعشرين من سبتمبر تصاعدًا كبيرًا لم يشهد مثله منذ سنوات طويلة، ومع بداية العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة وبداية التوغل البري في لبنان تجاوز عدد الضحايا 3961 شخص، وجُرِح أكثر من 16520 شخص تمكنت طواقم الإسعاف التعامل معهم مع بقاء عدد كبير من الضحايا أسفل الركام حيث صعُبً على طواقم الدفاع المدني الوصول إليهم!
منذ عام 2019، تعرَّض لبنان لأزمة اقتصادية تُعَدُّ هي الأكثر حِدَّة على مستوى العالم، وجعلت ملايين السكان يعيشون في ظل أوضاعٍ إنسانية قاسية، حيث انهارت العملة الوطنية وأدى ذلك إلى تضخم كبير وارتفاع أسعار السلع الأساسية. استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان كان لها أثر وخيم على حياة المواطنين هناك، فزادت نسبة البطالة وزادت الديون العامة لكل من الدولة والمواطن. انقطاع الكهرباء المستمر وتدهور خدمات المياه لم تكن نهاية المطاف بل تستمر المعاناة الآن مع التصعيد الإسرائيلي الأخير على لبنان في نهاية سبتمبر 2024، الأمر الذي ترك المواطن اللبناني في صراع بين النزوح وصعوبة توفير المتطلبات الأساسية من مأوى ومأكل ومشرب.
وتفاقمت الأوضاع بالنسبة للاجئين السوريين، إذ يعاني 89% من عائلات اللاجئين السوريين من الفقر المدقع، أي تسعة من كل عشرة أفراد، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لعام 2021. لذلك فإن ما يقارب من نصف الأُسَر السورية في لبنان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و57% منهم يعيشون في مساكن خطِرة. أما اللاجئون الفلسطينيون فيعيش 45% منهم في 12 مخيمًا، وغالبًا ما يتعرَّضون لظروف غير صحية وغير آمنة في ظل تدهور البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ومع انتشار جائحة كورونا في البلاد، لم يتمكَّن الأطفال من الأُسَر ذات الدخل المنخفض من متابعة دروسهم عبر الإنترنت بسبب انقطاع الكهرباء أو عدم وجود حواسب أو هواتف ذكية، إذ أكَّدت “يونيسف” أن 25% من العائلات غير قادرة على تحمُّل تكلفة الأدوات اللازمة لمواصلة التعلُّم عبر الإنترنت. كما يعيش في لبنان نحو 200 ألف عامل مهاجر في ظل ظروف غير إنسانية ومحفوفة بالمخاطر، خاصة العاملات بالمنازل، بعدما اضطرت العائلات اللبنانية للتخلي عنهن نتيجة الأزمة الاقتصادية.
ووفقًا لتقديرات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لعام 2021، فإن أكثر من 50% من العمال المهاجرين لم يتمكَّنوا من تلبية الاحتياجات الغذائية، بينما يعيش 53% في مساكن خطِرة.
وتماشيًا مع هذا الوضع، ومنذ بداية الأحداث في 24 سبتمبر قام فريق الإغاثة الإسلامية في لبنان بتأدية دوره في تقديم الاستجابة العاجلة من خلال تقديم الطرود الغذائية وحقائب النظافة والمراتب والأغطية وتزويد المشافي والمراكز الطبية بالمستلزمات الطبية.
منذ عشر سنوات، احتضنت أم ضحى وليدتها بلهفةٍ وشوقٍ بالغ، لكنها شعرت بشيء في صغيرتها لا تستطيع تفسيره رغم جمالها الأخَّاذ.
بعد عامين، اكتشفت أم ضحى، التي تعيش في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان، إصابة ابنتها الصغيرة بمتلازمة داون التي تحتاج إلى رعاية خاصة.
لم تكن تعلم أم ضحى أي شيء عن متلازمة داون، لكنها سارعت بتسجيل ابنتها بوحدة التدخُّل المبكر التابعة للإغاثة الإسلامية من أجل توفير العلاج والرعاية لضحى.
وبعد يومٍ واحد، بدأت ضحى في تلقي العلاج المناسب لحالتها، بالتوازي مع جلسات التخاطب وأنشطة تنمية المهارات الحركية المخصصة لحالتها، وبعد سنوات أصبحت تتعلم عن طريق مناهج خاصة.
“إنها تحب الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب المحمولة، لقد استخدمت هاتفي بالأمس للدردشة مع صديقتي على تطبيق واتساب، وكتبت الجمل بشكل صحيح”. هكذا توضح أم ضحى بفخر ما وصلت إليه ابنتها.
ضحى طفلة ذكية للغاية، وتتفوق على أقرانها ممن يعانون من المتلازمة نفسها، فهي قادرة على تحدي نفسها وقدراتها، حيث أصبحت تقرأ وتكتب بشكل صحيح.
“المرة الوحيدة التي تناولت فيها ضحى الدواء كانت عندما وزَّعته الإغاثة الإسلامية قبل شهور”. تحتاج ضحى إلى علاج الربو مع بعض العلاجات الأخرى باهظة الثمن التي لا تستطيع والدتها شراءهم.
حاليًّا، تتلقى ضحى الرعاية الصحية اليومية ضمن مشروع الإغاثة الإسلامية الذي يخدم نحو 571 طفلًا في مرحلة رياض الأطفال.
“ضحى تُعلمني أشياء لم يكن لدي أي فكرة عنها من قبل، أشعر بالفخر لكونها ابنتي أمام الجميع”. هكذا تفتخر والدة ضحى بابنتها التي تريد أن تصبح معلمة في المستقبل.