يعيش نحو 4.8 ملايين مواطن فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بلا أمان، وهم مُعرَّضون لفقدان منازلهم وأحبابهم في أي لحظة، كما أنهم لا يستطيعون توفير قوت يومهم في أحيانٍ كثيرة.
يعيش نحو 4.8 ملايين مواطن فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بلا أمان، وهم مُعرَّضون لفقدان منازلهم وأحبابهم في أي لحظة، كما أنهم لا يستطيعون توفير قوت يومهم في أحيانٍ كثيرة.
يعيش نحو 36% من الفلسطينيين في الضفة الغربية في فقر مدقع، بينما تبلغ معدلات الفقر في قطاع غزة نحو 64% وفقًا لتقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لعام 2021.
كما أن القطاع المُحاصَر منذ 13 عامًا يشهد أوضاعًا إنسانية خطيرة، ويُشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن الصراع الأخير تضرَّر فيه نحو 15,130 مبنى سكنيًّا، فضلًا عن تدمير 258 مبنى بالكامل، حيث يشمل 1,148 وحدة سكنية وتجارية، و141 مدرسة حكومية، و33 منشأة صحية.
كذلك أدى تضرُّر أكثر من 100 مرفق تعليمي إلى انقطاع 600 ألف طالبٍ عن الدراسة بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر، وتدهور البنية التحتية للمدارس.
ويواجه القطاع منذ سنوات أزمة في توفير الطاقة للسكان، حيث تعمل محطتان فقط من أصل عشر محطات لتوليد الكهرباء بسبب نقص الوقود، ونتيجة لذلك انخفض الإمداد بالطاقة بنسبة 45%، حيث تتوفر الكهرباء لمدة 5 ساعات يوميًّا.
ورغم انتشار جائحة كورونا، بالإضافة إلى تعرُّض السكان إلى إصابات خطيرة نتيجة النزاعات، فإن نحو مليونين يعيشون في قطاع غزة لا يستطيعون الوصول إلى الرعاية الطبية اللائقة.
وللتخفيف من حِدَّة الظروف الصعبة التي يعاني منها الفلسطينيون، بدأت الإغاثة الإسلامية بالعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة في سنة 1998 بهدف المساهمة في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.
وتعمل الإغاثة الإسلامية في 5 قطاعات رئيسية: الطوارئ والمشاريع الإنسانية، وتنمية سبل العيش المستدام للأُسَر، والحماية والتعليم للأطفال، والصحة، والتنمية المجتمعية ودعم الشباب.
تكفل الإغاثة الإسلامية نحو 7767 يتيمًا في قطاع غزة، إذ تكفل طفلين على الأكثر من كل أسرة حتى يستفيد أكبر عدد من الأُسَر، فيما يحصل اليتيم الواحد على نحو 39 دولار شهريًّا، لكن لا يزال هناك نحو 25 ألف يتيمٍ بحاجة إلى الكفالة.
وبالإضافة إلى كفالة الأيتام، تُقدِّم الإغاثة الإسلامية أنشطة موسمية مثل: “ملابس العيد، ترميم المنازل، هدية العيد، طرود غذائية رمضانية، أنشطة ترفيهية، أنشطة تعليمية توعوية، رحلات، جلسات دعم نفسي، إفطار جماعي رمضاني، وغيرها”.
كما تعمل على تعزيز قدرات الأطفال الأيتام الموهوبين من خلال ضمِّهم إلى أندية علمية وثقافية، كالعلوم والتجارب، وأندية التكنولوجيا، وغيرها، وذلك لتطوير قدراتهم على التواصل وتحسين ظروفهم المعيشية.
وتُعزِّز الإغاثة الإسلامية من خلال هذا البرنامج دعم الأُسَر المُهمَّشة من خلال دعم العملية التعليمية وتقديم الرعاية الصحية عبر توفير الأدوية والمأوى وغيرها.
تُركِّز الإغاثة الإسلامية جهودها على تقديم الدعم النفسي والأنشطة لأطفال مرضى السرطان في القطاع، فضلًا عن تطوير الخدمات المُقدَّمة للأطفال بناء على قدرات المؤسسات لاستيعابهم، ودعم الأطفال في التعليم من خلال توفير مدرسين ومنهج مبسط وخطة علاجية لمواكبة تعليمهم، وذلك بسبب تأخُّرهم في المناهج بسبب رحلة علاجهم.
واهتمت الإغاثة الإسلامية بأوضاع أطفال مرضى السرطان، إذ عملت على تطوير برنامج يربط بين وزارة الصحة ووزارة التعليم لمراقبة تطوُّر حالتهم وتقديم التوصيات اللازمة لتحسين أوضاعهم الصحية.
كما طوَّرت الخدمات التعليمية والصحية المُقدَّمة للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، إذ استهدف هذا المشروع نحو 30 روضة في قطاع غزة من أصل 78 روضة مُتضرِّرة جزئيًّا.
وعلى مدى فترة عملها، نجحت الإغاثة الإسلامية في ترميم منازل الأُسَر المُهمَّشة، وبناء وتأثيث المدارس الحكومية، وعمل دراسات ومناهج خاصة برياض الأطفال وتوحيدها بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
قبل أشهرٍ، تعالت ألسنة اللهب في مدرسة بيسان الخاصة بمخيم النصيرات، فحوَّلت كل شيءٍ إلى رماد، ولم يتبقَّ سوى الجدران التي أصبحت سوداء اللون.
تقول سماح الحلو، مديرة البرنامج التعليمي بالمدرسة، بحزن بالغ: “اندلع الحريق في مارس/آذار الماضي بسبب انفجار خط الغاز على بُعد 50 مترًا من المدرسة، ما أدى إلى تفحُّم جميع الفصول الدراسية”.
لم يستطع نحو 140 طالبًا من ذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلُّم العودة للمدرسة واستكمال العام الدراسي، إذ أصبحت غير آمنة لاستقبال الطلاب.
تُضيف سماح الحلو: “كانت هذه كارثة حقيقية انعكست سلبًا على الطلاب والمعلمين على حدٍّ سواء، إذ توقفنا عن العمل بسبب الدمار الذي حدث نتيجة الحريق”.
انعكست آثار الحريق بالسلب على الطلاب الذين لم يستطيعوا مواصلة العام الدراسي، وعلى المعلمين الذين كانوا يشعرون بالاكتئاب بين الجدران السوداء، حيث رائحة الحريق في كل مكان.
كانت سماح الحلو وزملاؤها يفكرون ماذا يفعلون، ومن أين يحصلون على تبرعات لتجديد المدرسة، لكن الإجابات لم تكن شافية، إذ كانوا عاجزين تماما ولا حيلة لهم.
لكن الإغاثة الإسلامية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام مستقبل الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ تدخَّلت سريعًا، وجدَّدت أثاث المدرسة الذي احترق، وأعادوا طلاء الجدران، ووفَّرت الوسائل التعليمية بجودة عالية، وحلَّت مشكلة تكدُّس الفصول.
تقول سماح: “لم يكن لدينا معمل، ولكننا الآن نمتلكه وأصبح حلمنا حقيقة، حيث جُهِّز بوسائل تعليمية مختلفة وأجهزة إلكترونية وآلة تصوير وحواسيب محمولة”.
بنبرة امتنان واضحة تختم سماح حديثها: “لقد أعادت الإغاثة الإسلامية إحياء المدرسة من جديد.. الآن الجدران مطلية بألوان جميلة، ولدينا أثاث مريح للمعلمين والطلاب”.