على مدى سنوات طويلة، عانى المواطنون في الصومال من أزمات إنسانية متعددة ومتعاقبة، تشمل الجفاف والفيضانات، فضلًا عن الآثار السلبية الناتجة عن الصراع المسلح الذي أدى إلى انهيار معظم البنية التحتية في البلاد. أثرت هذه الأزمات المستمرة بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان، وأدت إلى تفاقم معاناة الفئات الضعيفة.

الاحتياجات الإنسانية

النزوح الداخلي: تجاوز عدد النازحين داخليًّا 3.8 ملايين شخص نتيجة للصراع والجفاف والفيضانات وفق إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

الحاجة إلى المساعدة الإنسانية: بلغ عدد الأفراد ممن هم بحاجة إلى المساعدات الغذائية وغيرها نحو 6.7 ملايين شخص، ويعاني أكثر من نصف مليون طفل صومالي من سوء التغذية الحاد وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

الجفاف والفيضانات، أزمات مناخية متكررة:

يعاني الصومال دوريًّا من موجات جفاف شديدة تؤدي إلى نقص المياه والأعلاف، مما يؤثر مباشرة على قطاعَيْ الرعي والزراعة، وهما العمود الفقري للاقتصاد الصومالي. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض البلاد لفيضانات مفاجئة نتيجة للأمطار الغزيرة، مما يتسبب في تدمير المحاصيل والمنازل والبنية التحتية الحيوية.

الصراع المسلح وتأثيره على البنية التحتية:

أدى الصراع المستمر بين الفصائل المسلحة المختلفة في الصومال إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والمستشفيات والمدارس. هذا الوضع يعقد من صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، ويزيد من معاناة السكان، ويؤثر سلبًا على التنمية المستدامة في البلاد.

الأوضاع الاقتصادية، ركود وتدهور:

تعرض الاقتصاد الصومالي، الذي يعتمد بشكل أساسي على قطاعي الرعي والزراعة، لصدمات عنيفة نتيجة للصراعات المستمرة والأزمات المناخية. أدت هذه الصدمات إلى تراجع الإنتاج الزراعي وزيادة معدلات البطالة، مما زاد من معدلات الفقر والجوع بين السكان. تدهور الأوضاع الاقتصادية يجعل من الصعب على الأسر تلبية احتياجاتها الأساسية والاعتماد على مصادر دخل مستقرة.

دور الإغاثة الإسلامية في الصومال 

وسط هذه الصعاب، تعمل الإغاثة الإسلامية في الصومال منذ عام 2006 في نحو سبع مدن رئيسية داخل أربع ولايات، للتخفيف والحد من الآثار السلبية المتراكمة للصراع والجفاف من خلال توفير المساعدات الفورية المنقذة للحياة بالتزامن مع برامج التنمية المستدامة طويلة الأجل.

تستهدف الإغاثة الإسلامية من خلال برامجها السبعة الرئيسية الفئات الضعيفة في المناطق الريفية والنائية ومخيمات النازحين المحرومة من خدمات الصحة والتعليم ويرتفع فيها انعدام الأمن الغذائي، فضلًا عن صعوبة الحصول على المياه النقية والصرف الصحي.

الأمن الغذائي ودعم سُبل العيش

نظرًا لتفاقم الاحتياجات الأساسية للمواطنين، ركَّزت الإغاثة الإسلامية جهودها على توفير الغذاء الصحي للفئات الضعيفة، ودعم المشروعات الصغيرة في قطاعَيْ الزراعة وريادة الأعمال في صوماليا لاند وبونت لاند وجنوب الصومال ووسطها.

 

الصحة

وفَّرت الإغاثة الإسلامية خدمات الرعاية الصحية الأساسية من خلال عياداتها الثلاث في مناطق داينيل وشييس وبلكاد، حيث استفادت منها الفئات الأكثر ضعفًا في مخيمات النازحين في جنوب الصومال ووسطها خاصة بعد انتشار وباء كورونا “كوفيد-19”.

 

المياه النظيفة والصرف الصحي

تحاول الإغاثة الإسلامية توفير إمدادات المياه النظيفة من خلال تطوير مصادرها على المدى الطويل من خلال حفر الآبار العميقة والضحلة في صوماليا لاند وبونت لاند وجنوب الصومال ووسطها. وبالطبع لم تغفل الإغاثة الإسلامية عن التدخل السريع في الأزمات، إذ توفر المياه للأُسَر من خلال نقلها بالشاحنات في حالات الطوارئ، كما تعمل على تغيير سلوك المواطنين فيما يخص النظافة العامة، إذ تهدف إلى الوصول إلى مجتمع نظيف وصحي.

 

برنامج رعاية الأيتام

تهدف الإغاثة الإسلامية من خلال أقدم برامجها إلى تحسين الوضع الاجتماعي للأطفال ومساعدتهم من خلال تقديم دعم مالي نقدي لأُسَرهم من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية وتغطية نفقات التعليم.

 

التعليم

بينما يفتقر غالبية الأطفال في الصومال إلى التعليم الابتدائي بسبب الفقر المدقع، يسَّرت الإغاثة الإسلامية الوصول إلى التعليم في المناطق الريفية والرعوية، إذ تعمل على بناء المدارس وتأثيثها وتوفير الموارد التعليمية وتحسين المرافق المدرسية في صوماليا لاند، وبونت لاند، وشبيلي الوسطى، وجنوب الصومال ووسطها.

 

الإغاثة الإنسانية

مكَّنت استجابة الإغاثة الإسلامية السريعة لآثار الصراع والكوارث الطبيعية من تقديم يد العون إلى الفئات الضعيفة الموجودة في مخيمات النازحين في المدن الرئيسية في مقديشو وغاروي وهرجيسا.  وفي الوقت المناسب، وفَّرت الإغاثة الإسلامية الطعام وخدمات الصرف الصحي وإمدادات المياه النظيفة والمأوى للمتضررين من الفيضانات في “بلد وين” وسط الصومال، وهي واحدة من أكثر المناطق تضرُّرا في البلاد.

 

البرامج الموسمية

لم تغفل الإغاثة الإسلامية المواسم المهمة لأهل الصومال واعتبرتها فرصة لتقديم الإغاثة الطارئة، إذ توفر الطعام الجيد للمواطنين طوال الشهر الكريم، وتحرص على تقديم أجود لحوم الأضاحي خلال عيد الأضحى المبارك.

قصة ملهمة

في قلب قرية قركسيس بمقاطعة نوجال، ولاية بونت لاند، عانى محمود عبدي حاج، البالغ من العمر 67 عامًا، وأسرته المكونة من 12 طفلًا وزوجته، من آثار موجة جفاف شديدة اجتاحت المنطقة. كان الحاج محمود يعتمد على الرعي وبيع الماشية لتلبية احتياجات أسرته اليومية، لكن الجفاف أتى على معظم ما يملك. نفق 40 رأسًا من الماشية، بينما أصيب ما تبقى منها بالمرض، مما أفقد الأسرة مصدر رزقها الأساسي.

مع تزايد التحديات، اضطرت زوجة محمود للعمل بشكل متقطع، لكن ذلك لم يكن كافيًا. أصبح الأطفال مهددين بفقدان تعليمهم، حيث لم تعد الأسرة قادرة على دفع المصروفات المدرسية، واضطر محمود إلى الاستدانة لشراء المياه التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.

 

وفي خضم هذه الأزمة، جاءت الإغاثة الإسلامية لتمنح الأسرة بصيص أمل. من خلال برنامج استجابة عاجلة، وفرت فيها إمدادات المياه الضرورية للعائلات المتضررة، ونقلت آلاف اللترات من المياه بالشاحنات إلى خزانات مخصصة في المناطق المستهدفة. حصلت أسرة محمود على 2700 لتر من المياه، ما يكفيهم لمدة شهرين كاملين.

بفرحة وامتنان، استقبل محمود هذه المساعدة التي خففت من معاناته وأعادت له ولأسرته جزءًا من الأمان. يقول محمود: “لم أعد مضطرًا للاستدانة لتوفير المياه لأطفالي. هذه المساعدة أنقذت حياتنا”.

تبرعاتكم السخية لم تكن مجرد دعم مادي؛ بل كانت طوق نجاة لعائلة محمود والعديد من الأسر الأخرى التي تقف اليوم على أقدامها بفضل قلوبكم الرحيمة.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2024 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158