عصفت جائحة فيروس كورونا بالأنظمة الصحية في مختلف بلدان العالم وأظهرت مدى هشاشتها في مواجهة الأزمة العالمية، وقد كشفت عن الوجه القبيح لظاهرة عدم المساواة في التعامل مع المجتمعات التي هي بأمس الحاجة للدعم ونذكر هنا لاجئي العالم.
أضحت هذه الجائحة تحديًا جديدًا وتهديدًا إضافيًا يصعب على ملايين اللاجئين والنازحين حول العالم مواجهته أو امتلاك السبل التي تمكنهم من تحمل تبعاته. لذلك، بات من الضروري في الوقت الراهن التكاتف جميعا من أجل القيام بكل ما يمكن لحماية هذه الفئة.
يذكر أنه وفق آخر الإحصائيات التي نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تم تسجيل 79.5 مليون نازح في نهاية 2019 ، وهناك حوالي 45.7 مليون نازح داخل بلدانهم، ولجأ الباقي لأماكن أخرى خارج بلدانهم. يذكر أن عدد النازحين بسبب النزاع والاضطهاد هو الأعلى على الإطلاق، في الوقت الذي تترك حالة تغير المناخ الطارئ آثارا كارثية على النزوح. وقد أجبر الغالبية العظمى من الأشخاص على اللجوء من منازلهم في الوقت الذي ترزح بلادهم تحت نزاعات طويلة ولم يتمكن المجتمع الدولي من التدخل وإنهائها. ويرجع أصل أكثر من ثلثي اللاجئين حول العالم إلى البلدان الخمسة التالية: سوريا، أفغانستان، جنوب السودان، ميانمار، الصومال. وفي هذا السياق، تعمل الإغاثة الإسلامية في المناطق التي تأثرت بالعنف حول العالم إضافة إلى البلدان المجاورة لدعم اللاجئين والنازحين والمجتمعات التي تستضيفهم.
وإن منظمة الإغاثة الإسلامية في هذا اليوم تسلط الضوء على المخاطر المتزايدة التي يواجهها اللاجئون والنازحون منذ تفشي فيروس كورونا.
ليس من الممكن أن يحصل هؤلاء الأشخاص الذين تركوا منازلهم على الرعاية الصحية الملائمة وخدمات المياه النظيفة والصرف الصحي، وغالبا ما يتركون أمام خيارات محدودة قد تعرض صحتهم للخطر خاصة العمل في ظروف صعبة من أجل إعالة أسرهم.
ويواجه الذين يقطنون في أماكن مزدحمة مخاطر أكبر نظرا لصعوبة الالتزام بالاجراءات الوقائية في كثير من الأحيان مثل التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي وغسل الايدي.
مساعدة أكثر الفئات هشاشة بفعل الأزمة
عملت الإغاثة الإسلامية على رفع معدل استجابتها للجائحة من خلال المسارعة في تنفيذ برامج كوفيد-19 في 12 دولة في مختلف المناطق في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى استجابة محدودة قدمتها في أوروبا وأماكن أخرى.
ففي سوريا، قامت الإغاثة الإسلامية بتوزيع أكثر من 100,000 بند من التوريدات الطبية على 50 مرفق صحي للمساعدة في منع تفشي الفيروس. وفي غزة، ساعدت 16,500 شخص عن طريق تقديم طرود غذائية، إلى جانب قسائم شرائية لأكثر من 6,800 شخص ممن تأثروا بالإغلاق والحظر.
وفي الأردن، تتخذ الإغاثة الإسلامية كافة الاجراءات التي تسهم في منع تفشي الفيروس بين أوساط اللاجئين السوريين والفلسطينين الذين يحدق بهم الخطر بشكل كبير نظرا لظروف سكنهم في أماكن مكتظة، وفي نفس الوقت لا يملكون سبل الوصول والحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
هذا إلى جانب حملات رفع توعية المجتمع حول الممارسات الصحية الواجب اتباعها في ظل الوباء وذلك عبر البرامج الإذاعية التي تذاع باللغات المحلية، وتوزيع المواد الاعلامية، وتأسيس المراكز الصحية وإيصال وسائل الوقاية الشخصية مثل المعقمات والكمامات. كما تقدم الاغاثة الاسلامية المنح النقدية للفقراء والمهمشين مثل نواف وهو أحد اللاجئين السوريين في الأردن.
يسعى نواف كغيره الكثيرين ممن نزحوا بسبب الصراع إلى إعادة بناء حياتهم بعد اللجوء. وتأثر نواف الذي يقطن حاليا في مخيم أبو بصل في الرمثة بسبب الإغلاق الذي فرض على مستوى البلاد أكثر من غالبية الأشخاص.
“ليس لدي أي مصدر أستطيع من خلاله أن أتقاضي دخل ثابت نظرأ لأنني أعمل بنظام العمل اليومي. وبفعل الاغلاق، أجبرت على التوقف عن العمل وبالتالي لم أحصل على أجر. وقد حصلت على قسيمة شراء مواد غذائية، لكني لم استطع الحصول عليها بسبب الاغلاق أيضا. لم نكن نعلم صراحة كيف يمكننا تدبر أمورنا”
أضطر نواف أن يقترض المال من أجل أن يغطي نفقة بعض الاحتياجات الأساسية. عجز نواف عن التأقلم مع المشاكل المتزايدة التي سببتها الجائحة نظرأ لانه المعيل الوحيد لأسرته والتي تضم بطبيعة الاطفال الصغار ممن هم بحاجة لدعمه.
نواف هو أحد اللاجئين السوريين الذين يصل عددهم إلى 4,500 لاجئ الذين يحصلون على دعم الإغاثة الإسلامية كجزء من برنامج الاستجابة لكوفيد-19، والذي أيضا يضم تقديم الدعم ل2,000 لاجئ فلسطيني.
بدأت الإغاثة الإسلامية بالاستماع للمستفيدين من خدماتها وفهم الضغوطات والتحديات العملية التي تواجهم قبل أن تقوم الإغاثة الإسلامية بتقديم دعمها الذي سيخفف من معاناتهم في الأوقات الصعبة خاصة في ظل الجائحة نظرا لأن كوفيد-19 تتسبب بالعديد من المعيقات الجديدة الي تواجه المنظمات الانسانية في الوصول للفئات المهمشة بطريقة آمنة وفعالة.
حملة من أجل حقوق اللاجئين
تسعى الاغاثة الاسلامية إلى القيام بحملات تأييد لصالح النازحين حول العالم إذ أنه لا يقتصر عملها على الاستجابة لاحتياجاتهم فهي تستوحي ذلك من تعاليم الدين الاسلامي لتكون ملجأ لأولئك الذين ينزحون من مختلف أشكال الاضطهاد.
في العام 2013، الإغاثة الإسلامية بصفتها واحدة من المنظمات التي تستلهم قيمها من الدين الاسلامي إلى جانب المنظمات الدينية الأخرى، عملت مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على إصدار وثيقة دينية تتعهد الالتزام باحتضان اللاجئين. ” welcome the stranger”
وتقوم الاغاثة الاسلامية بحملات لمساعدة تنفيذ الميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي أصدرته الأمم المتحدة.
يعتبر هذا الميثاق إطارا لزيادة التمويل العالمي للاجئين لحمايتهم وتوفير الاحتياجاتهم الأساسية. ويؤكد على الدور المنوط بالحكومات من أجل الالتزام بحقوق الاجئين والتي تضم الوصول والحصول على الخدمات والحق في الحصول على العمل. كما يؤكد على الدول أن تلتزم بإعادة توطين أكبر عدد من اللاجئين ومكافحة فوبيا الغرباء. والتأكد من أن الدين يلعب دورا أساسيا في التخطيط وضمان وصول الحماية والمساعدة للاجئين والمجتمعات المضيفة.
هذا وقت الاستماع
تأتي هذه الجائحة في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمة لاجئين عالمية، يعاني فيه 79.5 مليون شخص من مأساة النزوح والمعاناة والحرمان.
أشخاص مثل نواف لا يملكون ما يكفيهم من الطعام لإبقائهم أحياء أو ما يحقق لهم فرصة الوصول والحصول على الرعاية الصحية في حال تعرضوا للمرض أو حتى البقاء في مكان آمن يعيشون فيه- ناهيك عن حلمهم في العودة للمنزل.
يعتبر اليوم العالمي للاجئين فرصة لنا من أجل تقدير أهمية الأشياء من حولنا في الوقت الذي عجز الكثيرين عن استكمال حياتهم بالشكل الطبيعي، وهو دعوة لأجل دعم بعضنا البعض خاصة في وقت الأزمات العالمية.
يقول تعالي في كتابه العزيز:”وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ
وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ،
الَّذِينَ ِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ،أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”
تقدم الإغاثة الإسلامية الدعم الانساني العاجل من أجل حماية الأشخاص من آثار تفشي فيروس كورونا.
تعرف على المزيد حول عملنا مع اللاجئين، و تبرع لحملة الوقاية من فيروس كورونا.