الصدقة في ليلة القدر هي جائزة نشتاق إليها كل عام! فمن منا لا ينتظر بابًا من أبواب الجنة في هذه الليلة بفارغ الصبر؟
والصدقة في ليلة القدر ليست نوعًا واحدًا، فمنها ما يتصدق المسلم به على الفقراء والمساكين، ومنها ما يتصدق به على أسرته فيسعدهم ويدعوهم لصالح الأعمال ويدخل على قلب زوجته وأسرته السرور والفرح بإحياء الشعائر، ومنها ما يتصدق به على نفسه فيقف بين يدي الله يدعوه ويرجو مغفرته.
ولكن هل أدركنا يومًا حجم أجر ليلة القدر؟
ليسَ ألف شهرٍ فقط! على عكس ما نظن فإن أجر ليلة القدر ليس ألف شهر فقط، بل هو “خيرٌ” من ألف شهر، ولذلك ذهب الكثير من العلماء أن أجرها غير محدود.
ولو افترضنا أنه محدود فهو بنص القرآن الكريم أكثر من 83 عامًا! والله يضاعِفُ لمن يشاء. ولذلك قال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: دخل رمضان، فقال رسول الله: “إنَّ هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا مَحروم”. صحيح سنن ابن ماجه.
وذلك الأجر العظيم هو نتاج أفضال ليلة القدر، وهي أكثر من أن تُحصى، ومنها:
هي ليلة نزول القرآن الكريم، وذلك سبب تشريفها الأعظم لأنها الليلة التي نزل بها أعظم الكلم، كلام الله الخالد، كتابه المحكم ألا وهو القرآن الكريم.
هي ليلة تقسم فيها الآجال والأرزاق وحوادث الدنيا من شرقها إلى غربها وفوق كوكبنا وفي كل ما شاء الله أن يكون.
أجر قيامها أن تغفر فيها كل الذنوب فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” متفق عليه.
إنها ليلة السلام كما قال الله عز وجل في سورة القدر: “سَلامٌ هيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْر”.
ولكي ننال ثواب هذه الليلة أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وآل بيته والسلف الصالح من بعده بوصايا عملية وأعمال نقوم بها لكي نضمن ألا يفوتنا ثوابها.
أفضل الأعمال في ليلة القدر هي كل الأعمال الصالحة، فإن استطعت أن يكون لك سهمٌ في كل عمل في هذه الليلة فلتفعل، ما بين صلاة وقيام وتلاوة للقرآن ودعاء.
ولا تنس الصدقة في ليلة القدر، فهي بذلك تكون صدقةً لأكثر من 83 عامًا، وكأنك أمضيت حياتك تطعم المسكين وتنقذ المستغيث بهذه الصدقة وهذا أجرٌ لا تدرك حدوده.
وإليك هذه النصائح الخمس لكي تحسن الاستفادة من ليلة القدر:
بل لكل لحظة، لأنها قد تغيّر مسار حياتنا في الدنيا والآخرة إلى الأبد، ولأن كل دقيقة في هذه الليلة قد تصنع الفارق “بين السماء والأرض”! وهذا ليس قولنا نحن، بل هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة العجيبة:
يروى أن رجلين كانا حديثا عهدٍ بالإسلام، وكان أحدهما أكثر اجتهادًا من الأخر، حتى أنه سبقه في الطاعات واستشهد في أحد المعارك ثم توفي صديقه بعده بعام كامل.
فرآهم سيدنا طلحة بن عبيد الله –رضي الله عنه- في أحد مناماته بالليل، ورأي الذي مات بعد صديقه بعام يدخل الجنة أولًا قبل الذي استشهد!
فتعجّب سيدنا طلحة وذهب مسرعًا لرسول الله –صلي الله عليه وسلم- فقال: «من أي ذلك تعجبون» فقالوا: يا رسول الله، هذا كان أشد الرجلين اجتهادًا ثم استشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أليس قد مكث هذا بعده سنة» قالوا: بلى، قال: «وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة»، قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض» – رواه بن ماجه وصححه الألباني
لقد رأت فرقنا الميدانية في أكثر من 30 دولة ما هو أثر صدقاتكم على المستفيدين، فهي تحيي آمالهم وتمحو آلامهم، تعيد لمن فقد بصره عينيه من جديد، وتوفر للأرملة التي تعيل أيتامها مصدرًا كريمًا للدخل، وتغيث الجريح في النزاعات، وتنقذ المسكين من الكوارث وتوفر للطفل الفقير تعليمًا يحميه ويمكنه من تحقيق أحلامه.
فإذا فعلت هذا كله وهو أجر متعدٍ لا ينقطع ولا تُدرَك حدوده عند الله في الليالي العادية، فكيف إذا أخرجت الصدقة في ليلة القدر؟ أجرٌ وبركةٌ لا تستطيع الكلمات أن تصف حجمها.
وتلك عبادةٌ لا بديل عنها في ليلة القدر، أن تقف بين يدي الله ليس بينك وبينه عز وجل حاجز، تناجيه وتدعوه وتتلو القرآن.
لذلك قال رسول الله –صلي-: أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس» رواه الحاكم والبيهقي
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ماذا أقول إنْ وافقت ليلة القدر؟ قال لها النبي: ((قولي: اللهم إنك عفوٌّ تُحب العفو فاعف عني)). رواه الترمذي
يستحب قراءة القرآن وختمه وتدبره طوال الليلة، فكل آية نقرأها هي كأننا نقرأها طوال ألف شهر من الزمان أو أكثر، هي حسنات يتردد صداها في صحائفنا يوم نقف بين يديَ الله فنجدها جبالًا لا نعلم من أين جاءت.
والقرآن هو الذي شرّف ليلة القدر، وهو كُلُّ الشرفِ والفضل.
لم يرد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة خاصة في ليلة القدر، فقط كل ما يجب علينا أن نجتهد فيها ونطيل الوقوف بين يدي الله ونطيل السجود والركوع والدعاء، ونري الله من أنفسنا خيرًا.
وختامًا، من فوائد ليلة القدر أنها ليلةٌ تجمع قلوب المسلمين في كل مكان وتحثهم على العبادات ولذلك إذا تبرع الإنسان بصدقةٍ لفقير أو مسكينٍ في هذه الليلة فإنه يضمن بذلك الفوز بثواب قيام وصيام هذا الفقير والمسكين لأن صدقته ستعينه على توفير الغذاء ومصدر العيش وتفرغه لعبادة الله عز وجل.
وذلك قطرةٌ من نهر فضائل ليلة القدر، نهرٌ يكفينا أن ندرك بعضًا من قطراته لنكون في الدنيا والآخرة من الفائزين.
الإغاثة الإسلامية عبر العالم
إيمان يلهمنا العمل
تبرع الآن