المجاعة في العالم لا تتوقف في جميع الأنحاء، يواجه ملايين الأفراد المجاعة وسوء التغذية، مما أدى إلى أزمة الغذاء العالمية التي تستدعي مكافحة للجوع، وحول المجاعة يروي لنا شاهين أشرف من منظمة الإغاثة الإسلامية.
وفقًا للأمم المتحدة، فقد ارتفع عدد المتضررين الذين يعانون من الجوع إلى ما يقارب إلى 828 مليونًا العام الماضي فقط، وذلك بزيادة تقدر بحوالي 150 مليونًا منذ تفشي الوباء.
إن الكثير من المتضررين على شفا المجاعة، وذلك لا سيما في شرق إفريقيا، حيث أدى الجفاف الذي يعتبر الأسوأ في التاريخ الحديث في منطقة شرق إفريقيا إلى القضاء على المحاصيل وسبل العيش، وكانت الصومال وإثيوبيا وكينيا الأكثر تضررًا.
ففي الصومال يعاني طفل واحد من بين كل ستة أطفال من سوء التغذية الحاد، وهي نسبة مقلقة جدًا حيث ازدادت بنسبة 25٪ عن التوقعات السابقة ومن المحتمل الآن أن تدخل منطقتان رئيسيتان في البلاد في حالة مجاعة واسعة بشكل رسمي.
عند سماع كلمة المجاعة في العالم فإن ما يتبادر إلى أذهاننا هو سوء تغذية وكمية قليلة من الغذاء، ربما يبقى الناس لمدة يوم دون طعام، أليس هذا هو السيناريو الأسوأ الذي نتخيله عن المجاعة؟
في الحقيقة الوضع أسوأ بكثير مما نتخيل، فمصطلح “المجاعة” أكثر تعقيدًا مما نعتقد، فمن أجل الإعلان عن حالة المجاعة في العالم، يجب توفر شروط قاسية حتى يتسنى تصنيف الوضع بأنه “مجاعة”.
علاوة على ذلك، يجب الإعلان عن حالة المجاعة من قبل لجان مختصة، وتصنيف عبارات الأمن الغذائي المتكامل التابع للأمم المتحدة، إضافة إلى حكومة البلاد المتضررة.
ويُعرِّف التصنيف الدولي المجاعة على أنها “عدم القدرة المطلقة على الوصول إلى الغذاء لمجموعة سكانية كاملة أو مجموعة فرعية من السكان، مما قد يتسبب في الوفاة على المدى القصير”.
وفقًا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وهو أداة لتطوير طرق تحليل الأمن الغذائي واتخاذ القرار حول الأمن الغذائي والمجاعات ولتتبع الجوع يتم استخدام كلمة ” مجاعة” والإعلان عنها على حسب المقياس التدريجي من المرحلة 1 (عدم وجود أمن غذائي أو الحد الأدنى منه) إلى المرحلة 5 (كارثة أو مجاعة).
ويتم استيفاء معايير المجاعة عندما تواجه 1 من كل 5 أسر في منطقة ما نقصًا حادًا في الغذاء، إضافة إلى ذلك، سيعاني ما لا يقل عن 30٪ من الأطفال من سوء التغذية وعلى الأقل اثنين من كل 10000 إنسان يموتون من الجوع كل يوم أو بسبب سوء التغذية.
وتستخدم الأمم المتحدة أيضًا مصطلح “المجاعة المحتملة” لوصف الحالات التي قد يكون فيها وصول المساعدات الإنسانية محدودًا، في هذه الحالات، على الرغم من أنه من المحتمل أن تكون الظروف قد وصلت إلى مستوى المجاعة، فقد لا تتوفر أدلة كافية متاحة للإعلان عنها رسميًا.
وقد تم إعلان حالة المجاعة آخر مرة في أجزاء من جنوب السودان في فبراير 2017، حيث واجه ما يقرب من 80 ألف إنسان المجاعة.
نميل إلى ربط المجاعة بالجفاف ونقص المحاصيل، ومع ذلك، هناك بالفعل العديد من العوامل التي يمكن أن تسهم في بداية المجاعة.
عادةً ما يكون ذلك نتيجة عوامل متعددة مثل التغيرات المناخية وزيادة أسعار المواد الغذائية والصراع وقرارات السياسة، والنتيجة هي أن الأفراد الأكثر ضعفًا في المجتمع يواجهون وضعًا يائسًا لا يعرفون فيه من أين تأتي وجبتهم التالية.
بعد الإعلان عن حالة المجاعة يشرع صناع القرار إلى اتخاذ إجراءات لمنع أزمة الجوع أن تتزايد والمساعدة في إنقاذ الأرواح ، ولكن كيف تبدو المجاعة على أرض الواقع؟
تقضي المجاعة في العالم على سبل العيش، وتحصد الأرواح وتأخذ الأحباء فردًا تلو الآخر، عندما تحدث المجاعة في العالم، فغالبًا ما يكون الأطفال هم الأكثر تضررًا.
ومن المرجح أن يعاني الأطفال المصابون بسوء التغذية من عواقب وخيمة تهدد حياتهم من جراء الأمراض مثل الإسهال والكوليرا والملاريا، فمع عدم وجود طعامكافٍ، حتى لو نجا الطفل من مثل هذه الأمراض، فقد يعيق نموه البدني والعقلي على المدى الطويل.
وقد تسبب المجاعة أيضًا أو تؤدي إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية الأخرى مثل الزواج القسري المبكر حيث لا يستطيع الآباء إطعام أطفالهم.
هنا في الإغاثة الإسلامية، نسعى جاهدين لضمان عدم تعرض أي طفل أو بالغ للجوع، ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، دعت الإغاثة الإسلامية، إلى جانب 237 وكالة، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإظهار القيادة السياسية بشأن أزمة الغذاء العالمية وتهدف إلى ترجمة الوعود إلى إجراءات فورية.
إن الآثار الكارثية لأزمة الغذاء العالمية لم يسبق لها مثيل، وقد طلبنا بشكل عاجل أن يتحركوا على الفور لمنع المزيد من المعاناة غير الضرورية، حيث يعاني الآن 345 مليون إنسان من الجوع الحاد، وهو رقم تضاعف منذ عام 2019.
وفي الإغاثة الإسلامية، نعمل أيضًا على مدار العام لتوفير حلول غذائية مستدامة طويلة الأجل للمجتمعات المحتاجة، فضلًا عن تقديم تدخلات قصيرة الأجل لإنقاذ الحياة استجابة لحالات الطوارئ العالمية.
نحن بحاجة إلى أن ندعم العائلات التي تعاني من الجوع، حيث نشهد جميعًا الموت البطيء لـ 50 مليون إنسان على شفا المجاعة في 45 دولة، وهو ما يترجم إلى وفاة متضرر واحد من الجوع كل 4 ثوانٍ.
نناشد أولئك الذين لديهم القوة والموارد المالية التي لا يمكننا أن نتجاهلها، حيث سيصبح التاريخ شاهدًا على تقاعسنا عن العمل.
تبرع الآن
إيمان يلهمنا العمل