عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا».
ويأتي في شرح هذا الحديث، أن إراقة دم القربان هي من أصل عبادات يوم العيد، وإنه يأتي يوم القيامة كما كان في الدنيا من غير نقصان شيء منه، ليكون بكل عضو منه أجر، ويصير مركبه على الصراط، وكل يوم مختص بعبادة.
قدوة بسيدنا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – من التضحية والتكبير بذبح الغنم عندما فدى سيدنا إسماعيل- عليه الصلاة والسلام-
والأضحية سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتوجب على المسلمين أداءها بغض النظر عن الجنس أو الحالة الزوجية. فإن الأضحية مشروعة للرجل والمرأة، وإذا كانت المرأة قادرة على ذلك، فإنه يستحب لها أداء الأضحية.
وعندما تقوم المرأة بذبح الأضحية، ينبغي أن تكون الأضحية عن نفسها وعن أهل بيتها، ويشمل ذلك زوجها أيضًا. فما هي شروط الاضحية للمرأة؟
أما عن فضل الأضحية للمرأة، فهي إقامة لشعائر الله سبحانه وتعالى، ولا شك أن أضحية المرأة فضلها عظيم، وقال بعض العلماء أنها واجبة على المسلمين كما أن المرأة المضحية تُعظم شعائر الله كما الرجل.
قال تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ). سورة الحج 32
روي عن سعد بن معاذ أنّ امرأة كانت ترعى غنمًا في زمن النبي، صلى الله عليه وسلم، اعتدى الذئب على واحدة منها فأدركت الشاة وهي حيّة فذكتها، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها»؛ ما يدل على أنّ ذبح المرأة للاضحية لا حرج فيه وأنّه مثل ذبح الرجل.
والله تعالى يقول: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}، وهذا يشمل المسلم سواء كان ذكرًا أو أنثى أو كتابيًّا أو كتابية من أهل الكتاب لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ}، سواء ذكاها رجل منهم أو امرأة، وكذلك من المسلمين. وبذلك يجوز اضحية المرأة عن نفسها مثل الرجل تمامًا.
لا تختلف شروط المضحي من النساء عن الشروط التي فرضها الإسلام على الرجل، حيث يتطلب من المرأة أنه مع دخول العشر أيام الأولى من الشهر العربي ذي الحجة، عدم قص الشعر وأيضا الأظافر حتى تضحى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ)رواه مسلم.، كما يجب أن تكون مسلمة عاقلة.
ويجب على المرأة المضحية أن يكون المال خاص بها، على أن يكون مالًا حلالًا وليس مال مغصوبة، أو تم شراء الأضحية بمال حرام، أو بعقد فاسد، أو مسروق، كما يجب أن تكون الأضحية من الأغنام، وهي الخروف أو الماعز، أو البقر أو الأبل، وذلك حتى تكون أضحية صحيحة.
ومن المعروف أن محظورات الأضحية للمراه والرجل على حد سواء، فإذا هل هلال ذي الحجة حرم على من يريد الأضحية أن يأخذ من شعره أو من ظفره أو من بشرته شيئا ؛ لما روى مسلم (1977) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ) وفي لفظ له : ( إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا ).
ولنعرف أكثر عن أحكام احرام المرأة للاضحيه، قال النووي رحمه الله : ” وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَشْر ذِي الْحِجَّة وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَرَبِيعَة وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَدَاوُد وَبَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ : إِنَّهُ يَحْرُم عَلَيْهِ أَخْذ شَيْء مِنْ شَعْره وَأَظْفَاره حَتَّى يُضَحِّي فِي وَقْت الْأُضْحِيَّة , وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه : هُوَ مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه وَلَيْسَ بِحَرَامٍ. وهذا الحكم عام في كل من أراد أن يضحي ، رجلا كان أو امرأة .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ماذا يجوز للمرأة التي تنوي الأضحية عن نفسها وأهل بيتها أو عن والديها بشعرها إذا دخلت عشر ذي الحجة ؟
فأجاب : ” يجوز لها أن تنقض شعرها وتغسله ، لكن لا تكده ، وما سقط من الشعر عند نقضه وغسله فلا يضر “وكدّ الشعر : تمشيطه .
“فتاوى الشيخ ابن باز” (18/47).
من أحكام الأضحية للنساء فيجوز للمرأة أن تُضحي عن أهل بيتها، ويجوز للمرأة أن تضحي وهي حائض وليس حرجًا في ذلك، فالمرأة ينطبق عليها شروط الأضحية التي تنطبق على الرجل، فيجوز الأضحية للمرأة الحائض.
ويجوز أن يُضحي الزوج عن زوجته، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اللهم تقبل من محمد وآل محمد”، وهذا يعني أن المسلم يجوز أن يحضي عن أسرته الأحياء والأموات، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضحى عن منازله الـ 9 بشاة واحدة.
كما يُمكنُك التبرع بالأضحية من خلال حملة الأضاحي بالإغاثة الإسلامية حيث تصل أضحيتك إلى المحتاجين حول العالم.