الحرب في غزة تستدعي تضافر الجهود العالمية. إنها واحدة من تلك اللحظات التي يجب فيها
على العالم أجمع أن ينتفض معا للتنديد بما يحدث من فقدان لأرواح المدنيين على الجانبين. وتقف
الإغاثة الإسلامية بقوة وثبات ضد العنف المروع الذي يتعرض له المدنيون في الأيام الأخيرة،
وتطالب بشدة بوقف فوري لإطلاق النار. وفي ظل تصاعد الأزمة الإنسانية وتفاقمها، من
الضروري بشدة السماح بوصول المساعدات إلى جميع المدنيين الذين يحتاجون إليها.
إن العنف الذي يجتاح المنطقة أسفر بالفعل عن خسائر فادحة بلغت أكثر من 2600 حياة وآلاف
الجرحى منذ يوم السبت الماضي، وهذا العدد يزيد بسرعة. والأكثر ألمًا هو أن معظم الضحايا هم
مدنيون، ومن بينهم العديد من الأطفال. وأي تصعيد مستقبلي سيؤدي بالضرورة إلى المزيد من
الوفيات والجرحى بين المدنيين، وهذا سيترك أثرًا نفسيًا عميقًا على جيل كامل.
وإننا نحث جميع الأطراف على احترام القانون الإنساني الدولي والالتزام به. كما يجب حماية
المدنيين وعدم استهداف البنية التحتية المدنية. ويجب ضمان وصول المدنيين إلى الاحتياجات
الأساسية مثل الماء والغذاء والطاقة. فالهجمات على المنازل والمدارس والمستشفيات، ومنع
المساعدات والإمدادات الأساسية، تشكل انتهاكًا صارخًا لهذا الحماية الأساسية.
إن الالتزام بالقانون الدولي يجب أن يكون متسقًا وقويًا على حد سواء في كل دول العالم وبقاع
الأرض. فالحصار الخانق أصبح الآن "كاملا" على القطاع.
وبينما نحزن على الوفيات العديدة التي وقعت في الأيام الأخيرة، يجب ألا يعاقب المدنيون أكثر
من ذلك على أعمال لا يتحملون أي مسؤولية عنها.
ومما يجب أن نسلط الضوء عليه هو أن تشديد الحصار الإسرائيلي على غزة – بقطع إمدادات
الغذاء والدواء والوقود والمساعدات – يشكل عقابا جماعيا لجميع سكان غزة البالغ عددهم 2.2
مليون نسمة، نصفهم تقريبا من الأطفال.
ومن عواقب ذلك، ستحدث تداعيات إنسانية خطيرة، مما يزيد من حالات الفقر والضعف بشكل
كبير. وتجدر الإشارة إلى أن محطة توليد الكهرباء في غزة قد تم إغلاقها بالفعل، مما يترك تأثيرًا
خطيرا على الخدمات الطبية الحيوية وخدمات المياه والصرف الصحي. وتشهد المستشفيات في
غزة نقصًا في الكهرباء والأدوية، وتسرب مياه الصرف الصحي إلى الشوارع مع تأثيرات سلبية
على البنية التحتية لنظام الصرف الصحي. وهناك نقص أيضًا في إمدادات الغذاء.
هذا العنف أسفر عن فقدان العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية وموظفي الأمم المتحدة
حياتهم حتى الآن، إضافة إلى أن سيارات الإسعاف التي تحمل الجرحى والمدارس التي تستضيف
الأسر النازحة تعرضت للقصف. وقد تم تهجير أكثر من 360,000 إنسان من منازلهم نتيجة
للقصف، ومع ذلك، فإن وجود الحصار يجعل من الصعب على الناس في غزة العثور على مأوى
آمن.
يجب أن تستند المساعدات الإنسانية إلى مبادئ الإنسانية والنزاهة والحياد، وينبغي ألا يتم تسييس
أو استغلال المساعدات المقدمة للمدنيين المحتاجين بأي شكل من الأشكال. ويجب تيسير دخول
المساعدات الإنسانية والإمدادات الحيوية إلى غزة وضمان توصيلها بأمان إلى الأفراد الضعفاء.
ويعد إنشاء ممر إنساني أمرًا ضروريًا، ويجب الإفراج عن أي رهائن مدنيين وفقًا للقانون
الدولي.
ومن الأهمية بمكان أن تستمر الحكومات الدولية في تمويل المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم
المتحدة لتقديم المساعدات والخدمات الأساسية.
لقد مر 16 عاما من الحصار والنزاع المتكرر تركت البنية التحتية في غزة على وشك الانهيار.
وحتى قبل هذا التصعيد الأخير، كانت مرافق الرعاية الصحية سيئة التجهيز، وكان أكثر من
90٪ من المياه المتاحة غير صالحة للشرب، ولم تكن الإمدادات الغذائية كافية لمعظم الأسر،
وكان 80٪ من سكان غزة يعتمدون على شكل من أشكال المساعدات الدولية للبقاء على قيد
الحياة. وقد يرتفع هذا العدد الآن مع ارتفاع النزوح الداخلي بسبب العنف المستمر.
كما يجب على المجتمع الدولي أن يدعو جميع الأطراف إلى التمسك بالمبادئ الإنسانية وضمان
حماية المدنيين، فضلا عن دعوة جميع الأطراف إلى التركيز على السعي إلى تحقيق سلام دائم.
تعمل الإغاثة الإسلامية في غزة منذ عام 1997 وما زلنا ثابتين في تصميمنا على مساعدة الأفراد
المحتاجين. ومن خلال العمل عن كثب مع شركائنا المحليين في المجال الإنساني، تمكنا هذا
الأسبوع من إيصال الإمدادات الطبية إلى المرافق الصحية وبدأنا بتوزيع المواد الغذائية على
الأسر النازحة الضعيفة. ومع ذلك ، فإن القصف الشديد للغاية والحصار الكامل يجعل هذا الأمر
صعبا وخطيرا للغاية.