ألقى الجفاف ظلاله الثقيلة على الصومال، طارحًا تحديات جسامًا تمتد جذورها عبر القرن الأفريقي. فأصبحت الحاجة إلى يد العون ماسة، إذ يواجه قرابة 80% من سكان المنطقة أوضاعًا إنسانية ملحة، كما يؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
من بين براثن الواقع المؤلم، نجد أن أكثر من 800,000 إنسان قد تشردوا داخل حدود الصومال نفسها، بحثًا عن بصيص أمل يخفف من وطأة الجفاف الذي استوطن أرضهم. في رحلة البحث عن الإغاثة، يحتاج حوالي 6.9 مليون إنسان – وهو ما يعادل تقريبًا اثنين من كل خمسة مواطنين صوماليين – مساعدات إنسانية عاجلة.
ويبقى الوضع في الصومال معقدًا، متأثرًا بشدة بتداعيات تغير المناخ المريرة والصراعات الإقليمية التي لا تهدأ. تجسدت تلك التأثيرات بشكل جلي في تردي مستويات المعيشة، مع مواجهة أزمة حادة في الغذاء، ارتفاع معدلات سوء التغذية، وتناقص دخل الأسر بوتيرة سريعة ومخيفة.
في أرض الصومال، حيث خلف الجفاف آثاره القاسية، ومزق الحياة وغمرها بالخراب، قامت الإغاثة الإسلامية بتطوير مشروع “برنامج تعزيز مرونة المجتمع والتمكين الاقتصادي”، الذي انطلق في يناير 2022، كبارقة أمل لإعادة الحياة إلى نسغها الطبيعي.
هذا المشروع يسعى بكل حرص لتحسين وصول الأهالي، خاصةً أصحاب الأعمال الصغيرة والمزارعين، إلى الغذاء والدخل الكافيين. فقد أهدي المزارعون المشاركون شتلات قادرة على مقاومة الجفاف ودفيئات ذكية تتواءم مع التقلبات المناخية، بينما تم تزويد أصحاب الأعمال الصغيرة بالرأسمال اللازم لبداية جديدة، تنبثق من رماد المحنة إلى فجر الأمل والنماء.
نجح المشروع في تحويل الأرض العطشى بإحياء أنظمة الري، وإعادة بناء سدود المجتمعات، وتمكين الأهالي من الوصول إلى مياه الشرب النقية والآمنة. حتى اللحظة، استفاد من هذا المشروع أكثر من 9,200 نفس، وسط هذا البلد المنكوب.
في قلب هذه الأرض، وجدت “زمزم” نفسها في مواجهة مع التحديات حيث تركتها ظروف الجفاف والعوز الاقتصادي والظروف المتردية تكابد من أجل توفير لقمة العيش. فمتجرها الصغير، الذي كان يومًا مصدر رزقها، لم يعد كافيًا لإطعام أطفالها التسعة. وتحت ضغط الحاجة، لجأت لطلب المساعدة من جيرانها، بحثًا عن فرص عمل. واضطر بعض أطفالها إلى التخلي عن مقاعد الدراسة، بحثًا عن عمل ليسهموا في دخل الأسرة. فبعد رحيل زوجها، ازداد الحمل على كتفيها، وأصبحت حياتها أكثر صراعًا ومشقة.
“كانت حياتنا مليئة بالفزع والأسى، فقد كنا نكافح للحصول على الحاجيات الأساسية. كان البحث عن الماء مهمة شاقة، ولم تعد الرعاية الصحية أو التعليم خيارات متاحة لنا”، تقول زمزم.
بعد أن وصلت زمزم إلى الإغاثة الإسلامية، تلقت منحة من مشروع “برنامج تعزيز مرونة المجتمع والتمكين الاقتصادي”، مكنتها من توسيع متجرها. واستفادت من المنحتين، كل واحدة بقيمة 300 دولار، لتحسين وضعها التجاري. ولم تقف المساعدة عند هذا الحد، بل شملت أيضًا تدريبًا على الأعمال التجارية، استطاعت زمزم استثماره بحكمة وبراعة. فبفضل رأس المال المبتدئ والتدريبي للإغاثة الإسلامية، تزدهر أعمالنا، وقد أحرزنا تقدما كبيرا من حيث الكسب والقدرة. فعلى سبيل المثال، قبل هذه التدخلات والمساعدات، كنت أجني 4 دولارات (حوالي 3.20 جنيه إسترليني) في اليوم، لكننا الآن نكسب أكثر من 13 دولارا (حوالي 10.30 جنيها إسترلينيا) في اليوم”.
“الآن، قمت بتسجيل أطفالي في التعليم. وأدفع الإيجار، وأدفع جميع التكاليف اليومية لعائلتي مما أكسبه خلال اليوم في متجري الصغير”.
“الإغاثة الإسلامية رسمت الابتسامة على وجوهنا، والأمان في قلوبنا وعقولنا، وقدمت لنا دعمًا كبيرًا لن ننساه أبدا”.
بفضل سخاء المتبرعين لدينا، تمكنا من دعم أفراد آخرين مثل زمزم لتغيير حياتهم. وبمساعدتكم، يمكننا دعم المزيد من الناس في جميع أنحاء الصومال والقرن الأفريقي.