لقد عانى أهل غزة لأكثر من عام معاناة شديدة من هجمات لا تتوقف. فمنذ أكتوبر 2023، نزح نحو 1.9 مليون شخص، أي 9 من بين 10 أشخاص اضطروا عنوةً لترك منازلهم والإخلاء قسرًا أكثر من مرة إلى الأماكن التي ظنوا أنها آمنة. الآن مع دخول فصل الشتاء، يتحتمُ عليهم مواجهة شتاءٍ ثانٍ قاسي البرودة بعيدًا عن منازلهم في ظل غياب الأمان والدفء والغذاء!
تعيش دنيا مع أطفالها في مخيم النازحين بمنطقة البركة في دير البلح، بعد أن أجبرتها الحرب الحالية والمستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر لعام 2023 على مغادرة بيتها في شمال غزة والنزوح إلى الجنوب.
تخبرنا دنيا والأسى يتملكها: “هذا الشتاء مختلف عن أي شتاءٍ مررنا به من قبل؛ الشتاء قاسٍ ويزيد من معاناتنا، فمع استمرار النزوح يزداد الوضع قسوةً على الجميع”. تصف دنيا محاولاتها للصمود في ظل الطقس القاسي، فهي تعيش مع طفليها في خيمةٍ غير مجهزة للشتاء أو البرد القارس، إذ لا توفر أي حماية حقيقية من العوامل الجوية، وتقول: “عندما هطلت الأمطار، تسربت المياه إلى داخل الخيمة وغمرتها بالكامل. وابتلّ الغطاء الوحيد الذي نملكه، كما ابتلّ الفراش أيضًا. لم يكن لدى طفلتي الصغيرة أي ملابس دافئة، ولا نعرف إلى أين نلجأ!”.
تُعدّ ظروف الشتاء في غزة قاسية للغاية، حيث تنخفض درجات الحرارة أحيانًا إلى الصفر المئوي. معظم العائلات الفلسطينية أُجبرت على مغادرة منازلها بملابسها الصيفية فقط، ومع كل موجة نزوح جديدة تخسر العائلات المزيد من ممتلكاتها، حتى باتت تفتقر إلى أبسط الوسائل التي تساعدها في مواجهة البرد. تضيف دنيا: “لا نملك حتى ملابس شتوية. أطفالي يرتدون ملابسهم الصيفية مع المعاطف فوقها، وعند النوم يرتدون تلك المعاطف كي لا يشعروا بالبرد”.
انتصار أم لسبعة أطفال، نازحة في مخيم في قطاع غزة في دير البلح، تخبرنا: “بعد النزوح اضطررنا للعيش في خيمة، وعلى مر الفصول عشنا فيها. للأسف؛ خيمتنا غير مؤهلة للشتاء، ففي كل مرة تُمطر فيها نغرق ونتعرض للبلل مما يعرضنا للأمراض. طفلي الأكبر يعاني من الربو، وطفلي الآخر يعاني من مرضٍ عقلي وهو أيضًا بحاجة إلى عنايةٍ خاصة”
تضيف انتصار: “الحل الوحيد لنا هو أن نتأقلم، لكن كيف نتأقلم ونحن لا نملك مواد التدفئة؟ مجرد حصولي على مواد التدفئة سيغير حياتنا للأفضل. يبيت أطفالي بالقرب مني للحصول على الدفء، ينامون متلاصقين أملًا في ليلة دافئة وآمنة وسط البرد والقصف. تبرعاتكم ستغيّر حياتنا للأفضل”.
وفي مشهد مؤلم، يتشارك أطفال انتصار غطاءً واحدًا، بينما تحاول الأسرة التجمّع ليلًا للاحتماء من البرد، لكن ذلك لا يكفي لمواجهة قسوة الطقس.
من خلال برنامج الإغاثة الإسلامية الشتوي الموسمي، تسعى الإغاثة الإسلامية إلى تقديم الدعم الحيوي للعائلات المحتاجة عبر توفير مستلزمات الشتاء من بطانيات ووقود وملابس دافئة، ليكون شريان حياة ينقذهم من قسوة الظروف المناخية والإنسانية. بالنسبة للعديد من الأسر، قد يكون هذا الدعم هو الفرق بين الحياة والموت.
أسهم برنامج الإغاثة الإسلامية الشتاء الماضي في مساعدة 475,500 شخص في 18 دولة. أما هذا العام، فإن الإغاثة الإسلامية تواصل جهودها لدعم المزيد من العائلات الفلسطينية في غزة، بالإضافة إلى تنفيذ البرنامج ليشمل الأشد حاجة في 18 دولة.