اعتاد 165 مليون مواطن يعيشون في بنغلاديش على التكيف مع الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية التي تحدث كل عامٍ تقريبا، مثل الفيضانات التي تحدث للأنهار والأعاصير وموجات المد البحري.
اعتاد 165 مليون مواطن يعيشون في بنغلاديش على التكيف مع الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية التي تحدث كل عامٍ تقريبا، مثل الفيضانات التي تحدث للأنهار والأعاصير وموجات المد البحري.
وتواجه بنغلاديش المكتظة بالسكان حالة طارئة، حيث يحتاج نحو 884 ألف لاجئ من الروهينغا يعيشون في نحو 34 مخيمًا في منطقة كوكس بازار إلى مساعدات إنسانية عاجلة، إذ يعانون من سوء التغذية والحاجة إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
كوكس بازار تُعَدُّ من أكثر المناطق فقرًا في البلاد، حيث يعيش فيها أكثر من 2.6 مليون مواطن، لكن الأوضاع ازدادت سوءًا نتيجة لوجود اللاجئين الروهينغا القادمين من دولة ميانمار منذ 3 سنوات، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وتفاقمت الأوضاع الإنسانية في هذه المنطقة، إذ أصبح السكان يواجهون عواقب انعدام الأمن الغذائي، خاصة في المناطق التي توجد فيها مخيمات اللاجئين، بالإضافة إلى جائحة كورونا التي ساهمت في تدهور أوضاع النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة.
وخلال فترة الجائحة، تعرَّض مجتمع الروهينغا داخل بنغلاديش إلى آثار سلبية خطيرة، إذ ازداد العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف ضد الأطفال، كما ارتفعت معدلات عمالة الأطفال، وزواج الأطفال، والاتجار بهم.
بالإضافة إلى أزمة لاجئي الروهينغا وتداعيات جائحة كورونا، فإن هناك ملايين الأُسَر البنغالية مُعرَّضة للفيضانات والأعاصير التي تتكرر دوريا، وفقًا لهيئة إنقاذ الطفولة التابعة للأمم المتحدة “يونيسف”.
ويتحمل نحو 20 مليون طفل بنغالي العبء الأكبر من تداعيات التغيرات المناخية، حيث يقع الأطفال ضحايا للأعاصير والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، بحسب “يونيسف”.
ويفقدون منازلهم ومدارسهم، وينتهي المطاف بالعديد منهم في الأحياء الفقيرة بالمدينة، بعدما تحطمت حياتهم وأحلامهم، إذ يصبحون فريسة للعمالة الرخيصة والاتجار بالبشر والزواج المبكر.
بدأت الإغاثة الإسلامية العمل في بنغلاديش منذ عام 1991، عندما ضرب إعصار مُدمِّر البلاد وخلَّف نحو 135 ألف قتيل، حيث قدَّمت الإغاثة الطارئة للمتضررين ودعمت المجتمع المحلي في عملية إعادة الإعمار.
ومنذ ذلك الحين تُقدِّم الإغاثة الإسلامية المساعدات الطارئة بالتوازي مع مشروعاتها طويلة الأجل للحد من تداعيات الكوارث الطبيعية التي تحدث سنويا، وتعزيز قدرة السكان على المرونة والتكيف مع آثارها الحادة.
وتعمل الإغاثة الإسلامية في بنغلاديش على دعم الفئات الضعيفة والمهمشة من خلال 4 برامج رئيسية: رعاية الأطفال، والتمكين الاقتصادي والحوكمة، والمساعدات الإنسانية وتعزيز المرونة للتكيف مع الأزمات، وبرنامج الإغاثة الطارئة.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة، قدَّمت الإغاثة الإسلامية المساعدات الإنسانية من خلال برنامجها لرعاية الأطفال لنحو 14651 أسرة، من بينها 9594 أسرة أطفال أيتام، و856 من الأطفال الذين ينتمون إلى الفئات المهمشة، فيما تلقت 4201 أسرة الرعاية الصحية.
بالتزامن مع الإغاثة العاجلة، صمَّمت الإغاثة الإسلامية برنامجًا طويل المدى لحماية المُهمَّشين في المناطق المحرومة ودعم سُبل العيش من خلال تنفيذ مشروعات متكاملة تضمن العيش المستدام لكثير من الأُسَر الفقيرة.
ودعمت الإغاثة الإسلامية نحو 20 مشروعًا مختلفًا ومتكاملًا، استفاد منها نحو 31,148 من الفقراء خاصة النساء، بقيمة 8 ملايين دولار أمريكي.
استطاعات الإغاثة الإسلامية من خلال برنامجها تنفيذ نحو 276 مشروعًا خلال العقود الثلاثة الماضية، وغطت إجمالي 1,498,304 مستفيد، بتكلفة إجمالية بلغت 32.4 مليون دولار أمريكي.
وساهمت الإغاثة الإسلامية في تحسين نظام الإنذار المبكر من أجل الاستعداد للكوارث الطبيعية، كما طوَّرت شراكتها مع الحكومة البنغالية والمنظمات المحلية للحد من مخاطر التغيُّر المناخي.
ركَّزت الإغاثة الإسلامية جهودها منذ عام 2008 على توفير المساعدات الإنسانية اللازمة للاجئي الروهينغا القادمين من دولة ميانمار الذين يعيشون في منطقة كوكس بازار.
وبعد اندلاع حريق هائل في مخيمات اللاجئين، وفَّرت الإغاثة الإسلامية لهم المأوى والغذاء والمياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية، وتعمل حاليًّا على تنفيذ 17 مشروعًا يستفيد منها نحو 120,037 شخصًا.
في شرق غاتاخالي بالقُرب من نهر كابوتاكخو، لم تستطع شاميمة خاتون، 29 عامًا، النوم، كانت تفكر ماذا ستفعل صباح الغد، ومن أين تُطعِم بناتها الثلاث؟ تلك الأسئلة التي لم تستطع الإجابة عنها كانت تؤرقها بشدة.
كانت شاميمة تَعِد بناتها الجوعى أن والدهن الذي يعمل باليومية سيأتي في المساء مُحمَّلًا بالطعام اللذيد، لكن هذا لم يحدث بالطبع لأنه ببساطة لم يتقاضَ أجرًا لأن صاحب العمل نفسه كان يتضور جوعًا.
في ظهر أحد أيام عام 2009، جلست شاميمة يائسة على الجسر، كانت تفكر في المستقبل الغامض الذي ينتظر أسرتها، عندما رأت إعصار “آيلا” قادمًا من بعيد، حاولت مُسرعة أن تنقذ ابنتها التي كانت نائمة في الكوخ، لكنها وجدت المياه تحيطها من كل جانب.
أظلمت الدنيا في وجه شاميمة وعائلتها، وازدادت الأيام صعوبةً وبؤسًا، بعدما فقدت كل شيء في الإعصار باستثناء منزلها، إذ لجأوا إلى قرية أوبازيلا.
لكن شاميمة التي لم يكن لديها شيء تخسره، قررت بشجاعة العودة إلى منزلها بدلا من الهجرة إلى المدن الكبيرة، وأن تعول عائلتها وأن تُبحر بهم إلى بر الأمان.
تذكَّرت شاميمة مهارتها القديمة في الخياطة، وساعدتها الماكينة التي كانت لديها في حياكة الفساتين لجيرانها، لكنها كانت في حاجة إلى المال.
ذات يومٍ، تنامى إلى مسامع شاميمة أن الإغاثة الإسلامية تُعِدُّ قائمة بأُسَر العائلات التي تعاني من الفقر المدقع وتُقدِّم لهم تمويلًا، لم تتردد لحظة واحدة، فأعدَّت خطتها وعرضتها على المؤسسة التي منحتها تمويلًا غير مسترد بمقدار 140 دولارًا.
بعد أشهرٍ قليلة، تغيرت حياة شاميمة وأسرتها تماما، إذ استطاعت أن تربح نحو 408 دولار، وذهبت بناتها إلى المدرسة، ولم تعد تفكر في كيفية الحصول على وجبة ساخنة.
لم تكتفِ شاميمة بمشروع الحياكة، لكنها استثمرت أموالها في تربية الماشية وزراعة الخضراوات التي تتكيف بسهولة مع التغيُّرات المناخية، وكذلك الأرز، بل أصبح لديها مزرعة سمكية صغيرة، بعدما تلقَّت التدريبات الملائمة من الإغاثة الإسلامية.
علَّقت شاميمة على باب منزلها، الذي أنشأته مؤخرًا في منطقة مرتفعة بحيث يكون مقاوِمًا للفيضانات والأعاصير، لافتة “نحن جاهزون”، حيث أصبحت أكثر مرونة في مواجهة الكوارث، وصارت تحتفظ باحتياطات من الطعام الجاف والأدوية والأرز، وأيضا تحتفظ بالأوراق والنقود في أكياس بلاستيكية مقاوِمة للماء.
“لم أستطع مواصلة دراستي، حيث توفي والدي فجأة، لكنّي سأكافح لتحقيق أحلامي من خلال تعليم بناتي. لا يجب أن يعانوا مثلما عانيت، إنهم يستحقون حياة سهلة ويجب أن أعطيها لهم”. هكذا تقول شاميمة التي استطاعت بفضل الإغاثة الإسلامية أن تُحقِّق جزءًا من أحلامها، وما زال الطريق طويلًا.