في الوقت الذي يستمر فيه مؤتمر المناخ بدورته التاسعة والعشرين (COP29) لمناقشة تأثيرات تغير المناخ حول العالم، تتجلى آثار هذه الأزمة بوضوح في مناطق مثل مقاطعة نوسا تينجارا الغربية في إندونيسيا. في قرية سونجيلا الصغيرة، يتصدى أندي، المزارع البالغ من العمر 55 عامًا، لتحديات تغير المناخ بطريقة مبتكرة، في مواجهة واقع صعب يهدد مستقبل الزراعة في المنطقة.
لطالما اعتمد سكان سونجيلا على الزراعة بوصفها مصدرًا رئيسيًّا للغذاء والرزق. لكن في السنوات الأخيرة، أصبح من الصعب التنبؤ بنمط الطقس، مما أثر بشكل كبير على المحاصيل. يقول أندي: “قبل ثلاث سنوات، كان بإمكاننا التنبؤ بالطقس. الآن أصبح الأمر مستحيلًا. يصيبنا الجفاف حين نحتاج إلى المطر، ثم يصبح الجو باردًا فجأة”.
هذا التغير في الطقس أدى إلى انخفاض إنتاج الذرة بشكل كبير، حيث فقد أندي 70% من محصوله العام الماضي. فبينما كانت مزرعته تُنتج 15 طنًّا من الذرة سنويًّا، أصبح الإنتاج الآن لا يتجاوز 3 أطنان فقط. يضيف أندي: “الذرة محصول حساس، واضطررنا لإعادة زراعة المحصول مرتين بسبب الفشل في المحاولة الأولى. ارتفعت التكاليف، لكن لم يكن لدينا خيار آخر
المخاطر التي يواجهها المزارعون في سونجيلا تتجاوز مجرد تقلبات الطقس. تعاني المنطقة من طرق مدمّرة وبنية تحتية ضعيفة، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى الأراضي الزراعية والأسواق. كما أن تكلفة الأسمدة المرتفعة تشكل عبئًا إضافيًّا على المزارعين المحليين. بالرغم من هذه التحديات، يواصل أندي وعائلته العمل على أرضهم آملين أن يتحسن الوضع مع مرور الوقت.
في عام 2022، بدأت الإغاثة الإسلامية في دعم مزارعي سونجيلا من خلال مشاريع زراعية مستدامة تهدف إلى تنويع المحاصيل وتقليل الاعتماد على الذرة. قدمت الإغاثة الإسلامية شتلات الأشجار مثل الجوافة والأفوكادو وغيرها من المحاصيل الأكثر قدرة على تحمل تغيرات المناخ. كما قامت بتعليم المزارعين ممارسات الزراعة المتكاملة التي تشمل زراعة الأعشاب والتوابل والفطر.
يقول أندي: “لقد بدأنا بخطوات صغيرة. قدمت لنا الإغاثة الإسلامية أساليب زراعة جديدة، وحسنت دخلي بنسبة 25-30% في عام واحد فقط. في المستقبل، عندما تنضج الأشجار، أتوقع أن تزداد الأرباح بشكل كبير. لن أضطر إلى تسلق الجبال لزراعة الذرة بعد الآن
بصفته رئيسًا لمجموعة مزارعي الغابات في سونجيلا جايا، يشعر أندي بمسؤولية كبيرة تجاه مجتمعه. على الرغم من مقاومة بعض المزارعين لتغيير طرقهم التقليدية، يستمر أندي في قيادة المبادرات الزراعية المستدامة.
يقول أندي: “أشعر بالمسؤولية الكبيرة في تحفيز الآخرين على تبني الزراعة المستدامة. لكن الأمر ليس سهلًا. الكثيرون ما زالوا في روتينهم القديم ويخافون من التغيير”. ومع ذلك، لا يزال أندي متفائلًا بأن الزراعة المتكاملة ستساعد المجتمع على التأقلم مع تغير المناخ وتعزيز صمودهم
يدير أندي الآن أيضًا مشروعًا لإنتاج الغاز الحيوي باستخدام روث الأبقار من مزرعته، مما يساعده في تشغيل موقده باستخدام طاقة صديقة للبيئة. “كل شتلة نزرعها هي خطوة نحو المستقبل. نحن نزرع الأشجار لأملنا في أن يكون لدينا مجتمع أكثر مرونة أمام تغير المناخ. هناك أمل في كل شتلة، وستغير الأشجار كل شيء
تؤكد قصة أندي ومجتمعه الحاجة الماسة إلى الدعم المستدام في المناطق الأكثر تضررًا من تغير المناخ. يقول أندي: “منحنا الدعم الذي تلقيناه من الإغاثة الإسلامية طريقًا للمضي قدمًا، لكننا بحاجة إلى المزيد من الوقت والمساعدة. عامان لا يكفيان. المعركة ضد تغير المناخ لم تنتهِ بعد، إنها بدأت للتو”.
أمل أندي هو أن تصبح سونجيلا نموذجًا يحتذى به في الزراعة المستدامة والمرونة البيئية، حيث يزرع المزارعون الأشجار ليس فقط لتحقيق الربح، ولكن أيضًا لاستعادة البيئة التي يهددها تغير المناخ.