حذرت الإغاثة الإسلامية من أن “الجوع” بات يفتك بأهالي أفغانستان، وأن الأوضاع التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم تنذر بكارثة إنسانية تهدد وجوه الحياة هناك. وقد تنامى الشعور بألم الجوع وإنهاك الجسد وظهورآثار سوء التغذية لدى الكثير من النساء الأفغانيات بعد أن تقطعت بهن السبل في الحصول على الطعام.
هذا بالإضافة إلى أن الأوضاع الإنسانية قد أثرت على الكثيرين حتى تملكهم اليأس في مواجهة هذه الظروف الكارثية التي أصبح فيها توفر الغذاء شحيحاً لأبعد الحدود، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، في الوقت الذي تزايدت فيه معدلات البطالة. إذ تشير الأرقام أن قرابة 12 مليون شخص يواجهون أزمة غذائية وشحاً في المواد الغذائية حاداً، وهناك 3 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة[1].
لذلك، من الضروري أن تصل المواد الغذئية والمساعدات الأساسية الأخرى لهذه المجتمعات على الفور وإلا فإن الموت سيحصد أرواحهم وستكون حصيلة من يلقون حتفهم بسبب الأزمة كارثية فعلياً.
يذكر أن المناطق الريفية تعاني بشكل خاص من شح حاد في المواد الغذائية، إذ توضح التقارير الصادرة أن انعدام الأمن الغذائي وصل إلى مستويات غير مسبوقة وتزايدت حالات الوفاة بسبب الجوع بين الفئات الأكثر ضعفاَ خاصة النساء والأطفال، فقد كان لهم النصيب الأكبر في مواجهة هذا الخطر. إذ تعطي النساء في معظم الأوقات الأولوية لاحتياجات أسرهن على أنفسهن. وقامت الأسر باستنفاذ آخر ما تبقى من مدخراتها البسيطة من أجل شراء وجبة طعام تسكت فيها ألم جوعها، ولم يعد غريباً أن ترى مشاهد المستولين في الشوارع للحصول على الطعام. حتى قد اضطرت الكثير من الأسر أن تغرق في بحر من الديون فقط لشراء الطعام.
وفي تصريح لمنسق البرامج الإنسانية في الإغاثة الإسلامية في أفغانستان محمد حامد ساتاي يؤكد فيه:
” الأوضاع الإنسانية في أفغانستان تزداد سوءا،ً خاصة فيما يتعلق بتفشي أزمة غذائية في البلاد. مؤخراً، أعادت المحال التجارية فتح أبوابها، لكن في نفس الوقت ارتفعت الأسعار بشكل كبير إلى حد يصل إلى 10 و20% في أقل من أسبوع[2]. في السابق بالكاد تمكن الأشخاص من تقديم الطعام لأسرهم، أما الآن فالأمر يشق على الأسر حتى أصبحوا يتناولون وجبة واحدة في اليوم، وقد تجد الكثير من النساء والأطفال أقل حظاً حتى أنهم لا يجدون ما يتناولونه.
“وحال النساء في الأسر الفقيرة أسوأ وأكثر إيلاماً، غالباً ما يكون النساء آخر من يتناول الطعام وبكميات أقل. هذا إن توفر الطعام، أما عند شح الطعام فإن حصتهن تكون قليلة للغاية أو حتى أنهم لا يأكلن شيئاً. وفي حال عدم توفر الطعام للأم هذا يعني أن هناك طعام قليل للغاية للأطفال الأمر الذي يسبب مضاعفات صحية على المدى الطويل.
وطالما أن حالة عدم اليقين لا تزال مستمرة في البلاد، فإن معظم جهود الإغاثة الأساسية والحرجة تبقى مجمدة حتى وإن تزايدت الاحتياجات الإنسانية.
وفي حال لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة و فورية لإيصال الغذاء للمحتاجين، فلا عجب أننا سنشهد أعداداً هائلة من حالات سوء التغذية الحاد وفقر الدم بين صفوف النساء والأطفال”.
وحتى قبل وقوع الأزمة الحالية، كانت تلوح في الأفق أزمة غذائية وشح حاد وجارف في المواد الغذائية في أرجاء واسعة من أفغانستان بسب الجفاف. هذا وقد ساهم انعدام الاستقرار المستمر واجتياح وباء كوفيد-19 في سقوط الكثيرين من الأفغان في براثن الفقر. ويتوقع هذا العام أن يقع نصف الأطفال الأفغان ممن هم أقل من 5 سنوات ضحية لسوء التغذية الحاد[3]. وفي نفس الوقت، لم يحصل النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة لعام 2021 سوى على 37 بالمئة من التمويل[4].
الآن، الأوضاع تزداد سوءاً، والأسعار مستمرة في الارتفاع بصورة أكبر نظراً لاضطراب الأسواق وإغلاق الحدود. ولا تزال حالة انعدام اليقين المنتشرة في البلاد تعني أن الحصول على المساعدات الإنسانية محدود للغاية، وأن المنظمات الإنسانية عاجزة عن تقديم المساعدات الاغاثيه لذوي الاحتياج.
يذكر أن حوالي 600 ألف شخص تركوا منازلهم هذا العام[5]، الكثير قد وصلوا إلى كابول خلال الأسابيع القليلة الماضية. وهم بحاجة ماسة للمساعدة علماً أنهم يبيتون في ظروف مأساوية للغاية، ناهيك عن خطر الإصابة بالإسهال وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه.
وفي هذا السياق، صرح المدير التنفيذي للإغاثة الإسلامية وسيم أحمد:
“بعد سنوات من الصراع وتغير المناخ، تلوح في الأفق كارثة إنسانية باتت وجوهها واضحة المعالم بشكل كبير في أفغانستان. وقد أصبح لزاماً أن تصل المواد الغذائية والمساعدات الحيوية الأخرى إلى من هم بأمس الحاجة إليها. لذلك، ندعو جميع الأطراف إلى التأكد من أن جميع العاملين في العمل الإنساني يمكنهم العمل بحرية وأمان في المنطقة ، وأن وصول المساعدات الإنسانية لا يواجه أي قيود. وتدعو الإغاثة الإسلامية جميع الجهات الدولية المانحة بالإسراع لتقديم تمويل جديد، وتوفير دعم أكبر لجهود الإغاثة. وعلى الجهات المانحة ألا تنسى الشعب الأفغاني في هذه الأوقات الحرجة.
ومن المعلوم أن الإغاثة الإسلامية تعمل في أفغانستان منذ أكثر من 20 عاماً، وهي ملتزمة بتلبية نداء الإنسانية والاستمرار في تقديم المساعدة والرعاية لعشرات آلاف المحتاجين.”
وفي هذا الإطار، قامت الممثلة الأميريكية أنجلينا جولي المبعوثة الخاصة لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بالانضمام إلى منصة انستغرام من أجل تقديم الدعم للمحتاجين في أفغانستان وقد أكدت على أنها ستشارك قصص أولئك “الذين يكافحون من أجل حقوقهم الإنسانية الأساسية”. ومن أجل تقديم الدعم، قامت جولي بمشاركة حملات للتبرع لصالح أفغانستان، ودعت متابعينها على منصة انستغرام بالتبرع لمواجهة الأزمة الإنسانية في أفغانستان، ومن الجدير بالذكر أن من بين الحملات التي شاركتها جولي كانت حملة الإغاثة الإسلامية عبر العالم[6].
وهذا ليس بالغريب على الإغاثة الإسلامية بأن تحظى بدعم شخصيات مشهورة ومؤثرة في العمل الإنساني، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بعملها الإنساني في أفغانستان. فقد أشاد ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز بجهود الإغاثة الإسلامية التي تبذلها في أفغانستان من أجل تقديم الدعم والمساعدة لذوي الاحتياج هناك عندما زار مكتب الإغاثة الإسلامية في نوفمبر 2001 [7].
يذكر أن الإغاثة الإسلامية بدأت عملها الإنساني في أفغانستان منذ عام 1999، عملت خلالها في 35 محافظة. وتنوعت تدخلاتها في العديد من القطاعات منها سبل العيش المستدام، التعليم، الصحة، حماية الطفولة، المياه والصرف الصحي والنظافة بالإضافة إلى الاستجابة لحالات الطوارئ. تنوعت أوائل المشاريع التي نفذتها الإغاثة الإسلامية في أفغانستان بين الإغاثة في حالات الطوارئ والتنمية. وكان من بين هذه المشاريع الإغاثة في أوقات الجفاف، وتقديم المساعدات الغذائية، وتوفير العلاج للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، إلى جانب دعم النساء وتمكينهن اقتصادياً، ومواجهة العنف ضد النساء والأطفال إلى جانب العديد من المشاريع الأخرى.
كما تعمل الإغاثة الإسلامية في أفغانستان بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للغذاء في 26 مشروع منها مشاريع الصحة والتغذية للنساء الحول والمرضعات، وتوزيع الغذاء، وتوزيع الخضار والبسكويت بين الفتيات في المدارس في المحافظات الجنوبية منها قندهار، هلمند، أرزجان، زابل، ونيمروز.
تبرع للإغاثة الإسلامية عبر العالم لمواجهة الأزمة الإنسانية في أفغانستان
بكم أنتم يسود الخير