في ليلة 8 سبتمبر 2023، ضرب وسط المغرب زلزالٌ ضخم بقوة 6.8 درجات، أسفر عن مقتل عائلات في منازلها وتسوية قرى بأكملها بالأرض. وبعد 19 دقيقة فقط، ضربت هزة ارتدادية قوية الناجين، ثم تبعتها مئات الهزات الأخرى في الساعات والأيام اللاحقة عبر البلاد، من مراكش إلى الدار البيضاء. هذا الحدث المأساوي يعد أكبر زلزال في تاريخ المغرب منذ ستينيات القرن الماضي.
كان المشهد كالتالي؛ الناجون في هلع، يبحثون عن أحبائهم بين أنقاض المنازل المدمرة. وفي العديد من المجتمعات الجبلية المعزولة في جبال الأطلس الكبير -مركز الكارثة- واجه السكان تحدياتٍ كبيرة في الحصول على المساعدة بسبب الطرق المغلقة، والمسافات الكبيرة، والانهيارات الأرضية التي أعاقت جهود الإنقاذ والإغاثة. في القرى والمدن عبر المنطقة، قضت العائلات الخائفة والمصدومة ليالي في العراء، خشية اللجوء إلى المأوى وانهياره عليهم.
يُعد هذا الزلزال الأكثر دموية في المغرب منذ ستينيات القرن الماضي والأقوى على الإطلاق في تاريخ البلاد، حيث ترك زلزال الحوز المجتمعات المنكوبة تواجه طريقًا طويلًا وشاقًّا نحو التعافي والشفاء.
تقول فاطمة وهي تصف اللحظة المرعبة التي دمر فيها الزلزال منزلها حين كانت هي وابنتها بداخله: “كنت نائمة عندما ضرب الزلزال المنطقة، انهار سقف الغرفة، وسقط الجدار المجاور لي حتى أصبحت محاصرة. لم تكن تظهر سوى أصابع ابنتي تحت الأنقاض، ولكن لحُسن الحظ أنقذونا. نحن الآن بخير، الحمد لله، بفضل الطيبين الذين ساعدونا. لقد زودتنا الإغاثة الإسلامية عبر العالم بالطعام والشراب والأدوات اللازمة، نشكرهم كثيرًا، ونشكر مَن تبرع لنا، ونسأل الله أن يجزيهم خيرًا”.
في غضون ساعات من الكارثة، أطلقت الإغاثة الإسلامية نداءَ استغاثةٍ عاجلًا لمساعدة الناجين. ومع استجابة أفراد أسرتنا الرائعة من الداعمين حول العالم، أرسلنا فريقًا طارئًا إلى المغرب لدعم جهود الإغاثة وتقييم أفضل السبل لمساعدة الناجين. في غضون أيام، بدأنا توزيع المستلزمات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، بالتعاون مع شركائنا المحليين هناك.
على مدار الـ 12 أسبوعًا التالية، قمنا بتوزيع 2,600 مرتبة، وأكثر من 3,400 بطانية، وملابس دافئة لمساعدة الأشخاص الذين تعرضوا للطقس الشتوي القاسي. كما ساهمت أكثر من 2,400 مجموعة نظافة التي قدمناها في مكافحة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه. بحلول نهاية شهر ديسمبر، كنا قد دعمنا أكثر من 7,500 شخص، وخلال عام واحد تمكنا من الوصول إلى أكثر من 65,000 شخص.
وفقًا للسيد غسان عليمي، رئيس بعثة الإغاثة الإسلامية في المغرب، كانت الاحتياجات الإنسانية هائلة. البنية التحتية المدمرة جعلت من الصعب الوصول إلى المجتمعات الجبلية. ومع ذلك، ساهمت القوافل الصحية في تقديم دعم حيوي للعائلات المتضررة.
يخبرنا السيد غسان عليمي، رئيس بعثة الإغاثة الإسلامية في المغرب: “كانت الاحتياجات الإنسانية هنا في المغرب هائلة بعد الزلزال. واجهنا تحديات كبيرة في توصيل المساعدات بسبب تدمير البنية التحتية والطرق المهمة. هذا الأمر جعل من الصعب الوصول إلى المجتمعات الجبلية. شملت المساعدة الأولية التي قدمتها الإغاثة الإسلامية توزيع الإمدادات الغذائية، والبطانيات، والمراتب، ومواد التنظيف. لعبت القوافل الصحية دورًا مهمًا، وكان لها تأثير إيجابي على العائلات المتضررة من هذا الزلزال. نسأل الله العظيم أن يوفقنا ويبارك فيكم جميعًا وفي هذا العمل الجبار الذي يقوم به فريق يعمل بلا كلل في المغرب وفي مكاتب الإغاثة الإسلامية عبر العالم. نشكر جميع داعمينا والمساهمين في هذا العمل الذي نحن في أمسِّ الحاجة إليه”.
لا يزال المغرب يواجه تحديات كبيرة في التعافي من هذه الكارثة الطبيعية. تظل جهود الإغاثة والمساعدات الدولية أمرًا حيويًا لمساعدة المجتمعات المتضررة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.