محمد صلاح بهار، علّك سمعت بهذا الاسم مؤخرًا! هو ذلك الشاب الفلسطيني المصاب بمتلازمة داون والذي فقد حياته على أيدي الجيش الإسرائيلي في مدينة الشجاعية في قطاع غزة.
مقتل محمد بهار أصبح رمزًا لمعاناة الشعب الفلسطيني، إذ كان يبلغ من العمر 25 عامًا وعاش حياته يتيمًا منذ أن فقد والده وهو بعمر السنتين. كفلته الإغاثة الإسلامية ضمن مشروع الأيتام، وكانت والدته المسنة نبيلة بهار ترعاه حتى وفاته.
يخبرنا زملينا في الإغاثة الإسلامية: “لقد كان محمد متعلقًا بأمه وأخته سارة كثيرًا. في كل مرة أقوم بزيارته أنا وفريق العمل نجده جالسًا على مرتبةٍ في صالة المنزل، يلعب بألعابه ولا يعلم شيئًا عمّا يدور حوله. يعاني محمد من التوحد إضافةً إلى متلازمة داون، ولشدة مستوى حالته لم تتمكن والدته من إلحاقه في أي مؤسسة تعليمية حيث يصعب التعامل معه نظرًا لخوفه الشديد من الغرباء. محمد لا يستطيع التعبير بالكلام، فقط يحفظ بعضًا من الكلمات التي تُعبّر عن استياءه أو سعادته وكانت أمه السيدة نبيلة الوحيدة التي تفهم محمدًا بالشكل المطلوب. أخبرتنا أن محمدًا يحب الألعاب والحلويات ويعبر من فرحته بالأشياء بكلمة “يا روحي” أو “حبيبتي يا ماما“. كما أنه يحب دومًا أن يلبس شيئًا جديدًا ويهتم بنظافته الشخصية. كان يحب أن يلعب من أبناء أخته كثيرًا بالرغم من غيرته الشديدة حين يقتربون من والدته. لقد كانت السيدة نبيلة هي عالم محمد الوحيد!”
بفضل تبرعاتكم حصل محمد على الكفالة الشهرية التي استمرت معه منذ وفاة والده حتى وفاته هو. لقد أمنّت له الحياة الكريمة وخففت عنه وعن والدته عناء الحياة.
لقد صُدمنا مما أصاب مًحمد ومن الطريقة الوحشية التي قُتِل فيها. لقد نهش كلب الجيش الإسرائيلي كتفه وتُرِكَ ينزف حتى الموت! وبعبارات بريئة ظل يردد للكلب ويمسح على رأسه قائلًا: “خلاص يا حبيبي خلاص“! لقد كان محمد متأملًا أن يتوقف الكلب عن نهش جسده! لقد ظنّ أن هذا الكلب يلاعبه! قام الجيش بعزلِ محمد في غرفة بعيدًا عن أهله بعد أن نهش الكلب جسده بذريعة أنهم يودون علاجه. كانت السيدة نبيلة تسمع صراخه خائفًا طالبًا الماء، ولكن لم يتمكن أحد من أهله الاقتراب منه! لقد أُمِرت الأسرة بإخلاء البيت وترك محمدًا وحيدًا.
لقد أخبرتنا والدة محمد:
“على مدار أكثر من 300 يوم من الحرب قاموا بإخلاء منزلهم والنزوح للمجهول ما يقارب عشر مرات. هذا الأمر كان صعبًا على من هم بحالة محمد.” وهذا ليس حال عائلة محمد فقط! بل هناك أكثر من مليون ونصف مليون نازح في قطاع غزة أُجبروا على ترك منازلهم ثلاث مرات على الأقل تحت زخاتٍ من الرصاص والقنابل.
اللحظات الأخيرة لمحمد كانت صعبة، خائفًا، عطِشًا، وحيدًا بين غرباء! لقد تعرض للعنف الجسدي والنهش من قبَلِ الكلاب المفترسة، يلتفت حوله باحثًا عن والدته! حين عاد أهل محمد إلى البيت بعد انسحاب الجيش وجدوه مضرجًا بدمائه، منهوش الجسد، مفارقًا للحياة!
هذه القصة واحد من آلاف القصص التي تحدُث من بداية الحرب على غزة. لم يسّلط الضوء على باقي القصص ولا يتحرك المجتمع الدولي أو منظمات حقوق الإنسان لأجلها!