قضى حمزة* السنوات الست الماضية في العيش بعيدًا عن زوجته وأطفاله بينما كان يدعم أعمال الإغاثة الإسلامية المنقذة للحياة في سوريا. في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مرور عقد منذ بداية الأزمة، يشرح حمزة ما الذي يحفزه ولماذا توجد حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية أكثر من أي وقت مضى.
لقد مرت 10 سنوات منذ أن بدأت الأزمة الوحشية في سوريا، ولا يزال الملايين من الناس يعيشون آلام الأزمة والمعاناة. كثير منهم من الأيتام والأرامل وكبار السن الذين أصبحوا الآن أكثر عرضة للخطر من ذي قبل.
هؤلاء الناس لا علاقة لهم بالأزمة، لكنهم عانوا الكثير. تعرضت قراهم للهجوم، مما أجبرهم على الفرار مرارًا وتكرارًا في بحث يائس عن الأمان. لقد فقدوا منازلهم وأحبائهم وسبل عيشهم وتعليمهم وأمنهم – كل الأشياء التي اعتبروها ذات يوم أمرا مكفولا لهم.
من نواح كثيرة، أعرف كيف يشعرون. أنا أيضًا أُجبرت مرارًا وتكرارًا على مغادرة منزلي بسبب القصف المستمر.
هنا في شمال سوريا، تعيش العائلات النازحة في فقر مدقع، في خيام واهية وملاجئ لا توفر سوى القليل من الحماية من الحر الشديد والشتاء القارس. نحن عمال الإغاثة نعتبر هؤلاء الأشخاص عائلتنا ومن واجبنا أن نقف إلى جانبهم ونساعدهم.
تضحيات شخصية لمواصلة العمل المنقذ للحياة
لحماية زوجتي وأولادي من القصف، قمت بنقلهم إلى دولة مجاورة. على الرغم من صعوبة الابتعاد عن عائلتي، إلا أنني مكرس وقتي وجهدي لعملي هنا في سوريا، لذلك قررت البقاء هنا لدعم أولئك الذين يعانون.
أقضي بضعة أيام فقط مع عائلتي مرة واحدة كل فترة وأضطر للسفر إلى دولة مجاورة لرؤيتهم. يسعدني التحدث إلى زوجتي وأطفالي عبر مكالمة فيديو. نضطر للعيش بشكل منفصل حتى أتمكن من الاستمرار في العمل هنا، لكنني على استعداد للقيام بذلك لأنه يعني أن بإمكاني مساعدة الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة هنا في شمال سوريا.
تنقطع خطوط الاتصال لدينا بشكل متكرر بسبب القصف، مما يعني أنه لا يمكنني أحيانًا الاتصال بزوجتي وأولادي؛ هذا يسبب لنا جميعًا قلق كبير لأنهم إذا لم يسمعوا مني، فإنهم يخشون أنني وقعت ضحية لغارة جوية، ويتخيلون الأسوأ.
تحديات العمل الإغاثي في سوريا
العمل هنا في غاية الخطورة. إن العيش في بلد مزقته الأزمة يعني التخطيط بعناية لكل حركة واتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان قدرتنا على السفر بأمان بين الأماكن. نعبر مناطق شديدة الخطورة للوصول إلى الأشخاص الذين ندعمهم، لذلك من لحظة شروق الشمس في الصباح تبدأ تحديات الحياة اليومية.
بصرف النظر عن هذه المخاطر، أواجه أيضًا العديد من الصعوبات مع أشياء تعتبر عادية في بلدان أخرى. نظرًا لأن العديد من الأشخاص نازحون هنا، فإن العثور على منزل للإيجار أمر صعب للغاية – بعد شهر من البحث، ما زلت لم أجد منزلًا. إذا كنت بحاجة إلى وقود لسيارتي، فأنا أعلم أنني قد أواجه ساعات من البحث عن الوقود وقد لا أجده. إذا كنت بحاجة إلى شحن حتى جهاز كمبيوتر محمول، يجب أن أبدأ في التفكير في كيفية العثور على مولد ووقود لتشغيله، والذي يمكن أن يستغرق طوال الليل. لا يتوفر الماء دائمًا للغسيل أو الاستحمام، لذا فأنا أعتمد على خزانات المياه المتنقلة، مما يعني أنه غالبًا ما يصعب العثور على الماء.
هذا هو الواقع. يصعب الحصول أشياء بسيطة هنا في شمال سوريا.
زاد فيروس كورونا الوضع صعوبة
جعل فيروس كورونا الحياة أكثر صعوبة. أفعل ما بوسعي لحماية نفسي حتى أتمكن من الاستمرار في خدمة الناس، لكن من المخيف أن أكون مع الناس.
على الرغم من أنني كنت ملتزمًا بقواعد الصحة والسلامة وكنت أمارس التباعد الاجتماعي، فقد أصبت بالفيروس مرة واحدة. لقد كانت تجربة صعبة للغاية. شعرت بضعف شديد وكان لدي ارتفاع في درجة الحرارة وجفاف في الحلق. لم يعد بإمكاني العمل واضطررت إلى البقاء في غرفتي بعيدًا عن أحبائي. تفضل جيراني بالاعتناء بي بالمشروبات الساخنة والأدوية.
أشكر الله أنني تعافيت ويمكنني العودة إلى العمل. سيزداد هذا الوباء سوءًا وسيزداد عدد الحالات هنا لأنه من المستحيل على الأشخاص الذين يتشاركون في خيمة أن يكون بينهم تباعد اجتماعي. أدعو الله أن يبعد الوباء عنا هنا، حتى لا يضطر الذين عانوا من الأزمات والقصف والنزوح والألم والجوع والمرض إلى مواجهة المزيد من المعاناة.
آمال بمستقبل أفضل في سوريا
في الذكرى العاشرة للأزمة السورية، أتمنى أن يعود كل نازح إلى دياره، وأن تجتمع كل أم انفصلت عن أطفالها بهم، وأن يعم السلام في ربوع هذا البلد.
بالنسبة لي، أتمنى أن أعيش مع زوجتي وأولادي مرة أخرى. أتمنى أن أبقى بالقرب منهم، وأعتني بهم، وأعيش حياة سعيدة.
في العام الماضي وحده، ساعد عمال الإغاثة الإسلامية مثل حمزة 2.5 مليون شخص يعانون من الأزمة السورية. بدعمكم، يمكننا أن نستمر في أن نكون طوق النجاة لهم. نرجو منكم التكرم بالتبرع للإغاثة الإسلامية الآن.