Thursday July 25, 2024

“وين بدنا نروووح؟!”

 

النزوح قرار لا يُعد له مسبقًا، ولا يأخذ المرء فيه وقتًا للتفكير، ولا تُدرس فيه خيارات وبدائل، بل يُجبر عليه المرء إجبارًا، بل قد يضطر للقيام به فجأة في منتصف الليل، وأثناء تجهُّزه للنوم!

قد لا يملك وقتًا كافيًا ليستجمع فيه حاجاته الأساسية قبل مغادرة منزله، الذي لا يعلم إن كان سيعود له ثانية أم لا، ولو كان لديه وقت قصير فعليه أن يودِّع بنظره سريعًا كل شيء ثم يقرر في دقائق أيًّا من ممتلكاته التي شهدت ذكرياته وآماله وآلامه هي الأثمن على الإطلاق ليصطحبها معه.

بعض ممتلكاته تناديه، لكنه لا يقوى على حملها، فلا ركوبة معه، وسيره طويل، ووجهته غير معلومة.

يكتفي حينها بأن يقبض يده بقوة على مفتاح بيته، وكأنه يحتضن البيت بأكمله، على أمل العودة قريبًا.

وما إن يطل برأسه خارج بيته، حتى تلتقي عينه بعين جاره الذي يسكن في البيت المقابل وقد استعد هو الآخر للرحيل، ثم يلتفت يمنة ليشهد عائلة الجار الذي يليه، وإذا بالحارة كلها تغادر!

يستقبل الجميع المسير، كلهم في اتجاه واحد، لا خيار لك بين الذهاب يمنة أو يسرة، فاتجاه السير واحد ومحدد.

يسير النازحون بلا كلام كثير، فلا قوة لديهم لكي يتجاذبوا أطراف الحديث، تسمع أكثر أصوات جر الأقدام، أو كراسي الأطفال والعجائز على الطريق، وأكثر ما ستسمعه هو كلمة “وين بدنا نروح؟!”، وإن لم ينطقها الجميع، فهي حيرة كل أب يجر خلفه عائلته، أو أم تتحمل وحيدة رعاية أطفالها، أو أطفال بلا أب أو أم يتدثرون في جموع النازحين!

من بينهم مَن هم مرضى أو مصابون، إذ حتى عن المشافي يرحلون، ترى بأم عينك مَن يسير تحت أشعة الشمس الحارقة وهو يحمل طفلًا بيد، وفي يده الأخرى محاليله المعلقة!

إلى أين تتوجهون؟ لا تسمع اسم منطقة بعينها، لكنهم كما يقولون “على باب الله”!

ألم ومعاناة النزوح تُنسيهم مؤقتًا آلام بطونهم الخاوية، وريقهم الجاف، وعيونهم التي جفّت بكاءً على مَن فقدوا، فأمامهم ساعات سير طويلة.

إذا ما بادرت لتُذكِّر أحدهم بالصبر والتحمل على أساس أنها مرة وستزول شدتها، فسيقاطعك لفوره بأن هذه هي المرة العاشرة له!

غزةمعاناة اللاجئين معاناة النازحين النازحين في غزة اللاجئين في غزة إغاثة غزة المياة في غزة أوضاع غزة الوضع في غزة أهلنا في غزة أزمة الماء في غزة التبرع لغزة مساعدات لغزة مساعدات غزة مساعدات إغاثية مساعدات إغاثية عاجلة الإغاثة العاجلة مساعدة اللاجئين مساعدة النازحين معاناة أهل غزة الوضع الإنساني في غزة

مجموعة من النساء يتجهن إلى المجهول حين طُلب منهن الإخلاء وسط ألم النزوح وقلة الحيلة

 

هذه آلام يعيشها في غزة أناس محبون للحياة، لهم آمال وأحلام وإنجازات وعوائل ووظائف ومستقبل كانوا يخططون لأن يكون أفضل، تستصغر أمام أوجاعهم كل كلمات المواساة وعبارات التخفيف، وترى أن مساهمتك في تخفيف وطأة نزوحهم بأي شيء تستطيعه خير من ألف كلمة وكلمة. أن تمتد يدك لأحدهم بالماء، أو بالكساء، أو الغطاء، أن يجد طفل من بينهم وجبة طعام ساخنة، أو تجد أسرة قضت نهارها على الطريق خيمة تأوي إليها للمبيت.

دعمك لهذا في وسعك وتقديمه لهم في مقدورنا نحن، ساهم في إيصال مساعدات إغاثية عاجلة تخفف من معاناة النازحين في غزة.

تبرع الآن

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2024 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158