القضاء على الجوع أمرٌ ممكن وليس مستحيلًا؛ لكنه بحاجة لتضافر الجهود فهناك 270 مليون إنسان في جميع أنحاء العالم يواجهون الجوع والمجاعة والموت بسبب انعدام الغذاء، هكذا قالت كيت ويغانز، ممثلة الإغاثة الإسلامية في الأمم المتحدة في جنيف. وهذا هو سبب انضمامنا في رمضان هذا العام مع أكثر من 260 جمعية خيرية أخرى في جميع أنحاء العالم لتوجيه دعوة موحدة للعمل ضد الجوع العالمي.
شهر رمضان المبارك هو الوقت الذي يتواصل فيه ملايين الناس حول العالم مع بعضهم بعضًا، روحيًا وجسديًا، ويتذكرون أن البشرية جمعاء تترابط كالجسد الواحد: وأننا في مركب واحدة. أنا لا أتبع أي دين، لكنني شعرت دائمًا بتأثر حقيقي بقوة هذه اللحظة واستشعرت التضامن الإنساني الحقيقي الذي يجلبه رمضان.
لقد عشت في شهر رمضان طوال حياتي – من حضور وجبات الإفطار وحفلات العيد عندما كنت طفلة في روتشديل، إلى الإفطار مع الأصدقاء والزملاء أثناء عملي في الشرق الأوسط، والآن في الإغاثة الإسلامية. لقد تأثرت دائمًا بمدى حفاوة وكرم دعوتي للمشاركة في هذا العمل الذي يؤلف القلوب ويُشعر بالاتحاد.
لم أشعر أبدًا بالضيافة واللطف في حياتي أكثر مما كنت عليه في عام 2016 عندما أمضيت شهر رمضان في صنعاء، عاصمة اليمن التي أنهكتها النزاعات، حيث واجهت آلاف العائلات نقصًا في الغذاء. ودعاني الزملاء اليمنيون كل يوم إلى منازلهم وأحضروا لي طرودًا صغيرة من الحلويات المطبوخة في المنزل والحلويات اليمنية التقليدية.
هذا العام، وتستكمل كيت قائلة “حيث دفع النزاع المستمر ملايين اليمنيين إلى حافة المجاعة، أفكر في هذا الكرم وأقوم بعمل نوع خاص من الصلوات لكل هؤلاء الناس، وأتذكر كم أنا محظوظة”
لطالما جعلتني قوة التضامن في رمضان أشعر بالأسى لأن المجتمع الإنساني العالمي، الذي أفتخر بكوني أحد أعضائه، لا يتحد كثيرًا.
لكني أشعر باختلاف هذا العام.
،هذا العام اجتمع المجتمع الإنساني لرفع صوته الجماعي في مواجهة واحدة من أسوأ أزمات الجوع التي شهدها العالم على الإطلاق. من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع المجلس الدولي للوكالات التطوعية وشركاء آخرين مقربين، قادت الإغاثة الإسلامية حركة تضم أكثر من 260 منظمة غير حكومية في جميع أنحاء العالم لتوقيع خطاب مفتوح يقول إنه لا يوجد مكان للمجاعة في القرن الحادي والعشرين وينبغي تضافر الجهد للقضاء على الجوع؛ فمعًا ندعو قادة العالم إلى اتخاذ إجراءات فورية.
الحقيقة المرة هي أن 34 مليون فتاة وفتى وامرأة ورجل في جميع أنحاء العالم على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة.
إنه لأمر صعب أن ندرك أن هؤلاء الناس لا يتضورون جوعًا بل تم تجويعهم. معظمهم قادرون تمامًا على الإنتاج أو كسب ما يكفي لإطعام أنفسهم وأسرهم. لكن الصراع والعنف أفقرهم وأعدمهم الحيل فضلًا عن الجائحة وآثار تغير المناخ.
اليوم، ننضم إلى الآلاف من الزملاء في المنظمات غير الحكومية من جميع أنحاء العالم لإعطاء تحذير أخير لقادة العالم بأنه يجب عليهم التحرك، ويمكنهم التصرف لمنع حدوث الأسوأ. نحن نسلط الضوء على أن عواقب التقاعس عن العمل ستكون العديد من الوفيات المؤلمة التي يمكن الحؤول دون وقوعها.
في البلدات والقرى التي نعمل فيها – في اليمن وجنوب السودان وأفغانستان وسوريا من بين العديد من الأماكن الأخرى – نرى عائلات تكافح للبقاء. عن طريق تقسيم الأجزاء بعناية. من خلال تحديد أي من أصولهم الهزيلة التي يمكنهم بيعها أو عبر القيام بأي عمل، مهما كان مهينًا أو استغلاليًا. أو خلال المخاطرة بالتعرض لإطلاق النار عليهم عند نقطة تفتيش أثناء محاولتهم الوصول إلى ميدانهم أو سوقهم.
إنهم يلهموننا لمواصلة الضغط من أجل التغيير، لأنه لا ينبغي لأحد أن يصل إلى هذا المستوى كي يتقوت بوجبة.
لا يوجد نقص في الغذاء في هذا العالم؛ هناك نقص في المساواة وانعدام السلام.
نحن في الإغاثة الإسلامية – وكذلك المنظمات غير الحكومية الأخرى والأمم المتحدة – قمنا بدق ناقوس الخطر بصوت عالٍ، ونقترح طرقًا محددة ينبغي على الجهات المانحة والحكومات دعمها. لكنهم بطيئون في التصرف، والتقاعس عن العمل يكلف الأرواح. واليوم نقول إننا لن ندع الأمل ينقشع.
أولًا – التمويل العاجل
في هذا الوقت الحرج ، توجه العديد من الدول الغنية أنظارها إلى الداخل وتقطع المساعدات. شهد مؤتمر التعهدات الأخير لليمن، حيث يتضور الملايين جوعا، استجابة لا يمكن وصفها إلا بأنها هزيلة وغير متوقعة. نحن ندعو الدول إلى تقديم 5.5 مليار دولار اللازمة للمساعدات الغذائية العاجلة للوصول إلى أكثر من 34 مليون إنسان على مقربة من المجاعة.
يبدو للوهلة الأولى المبلغ كبيرًا ولكن لوضع هذا في السياق، فهو يعادل ما تنفقه الحكومات على مسببات المآسي في يوم واحد..
يجب على جميع البلدان المساهمة بنصيبها الكامل والعادل، دون إشاحة الوجه عن تلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة الأخرى.
ثانيًا – السلام
يعيش معظم الناس الذين يواجهون الجوع في البلدان المتأثرة بنزاعات طويلة الأمد وواسعة النطاق. نحن بحاجة إلى الحكومات لتعزيز الجهود للعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الصراع والعنف بجميع أشكاله. يجب الاستجابة على الفور لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار العالمي. يجب السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المجتمعات دون حواجز أو عوائق.
ثالثًا – الاستثمار في الناس
نطلب من الحكومات الاستثمار في التخفيف من حدة الفقر والجوع، ومنح الناس الأدوات التي يحتاجونها لبناء مستقبل أكثر مرونة لأنفسهم، والتكيف بشكل مستدام مع تغير المناخ والحماية من تبعات كوفيد -19. الاستثمار طويل الأجل أكثر فعالية من حيث التكلفة على المدى الطويل. سيساعد هذا في منع الصراع والنزوح في المستقبل، ومنع الجوع والمجاعات أيضًا.
تقدم فرقنا في جميع أنحاء العالم في رمضان هذا العام طرودًا غذائية أو غيرها من المساعدات الغذائية لمساعدة الأسر الفقيرة، حتى يتمكنوا – على الأقل لهذا الشهر – من الإفطار بوجبات مشبعة.
بالتضامن العالمي الحقيقي والالتزام بالعمل، يمكننا القضاء على الجوع العالمي بشكل نهائي
تبرع عبر الإغاثة الإسلامية للقضاء على الجوع.