العشرون من يونيو من كل عام هو الذي يحتفي فيه العالم باليوم العالمي للاجئ، وفيه يتم تسليط الضوء والتذكير بمعاناة أكثر من ١٠٠ مليون شخص عبر العالم فروا من موطنهم تحت مختلف الظروف وفقدوا نعمة السلام.
وهنا نستعرض ونسلط الضوء على قصة إنسانية معبرة، إنها قصة رجل عاش مع عائلته ما يقارب الـ 75 عامًا في موطنه، آمنًا ومستقرًا ثم في لحظة انهار كل شئ وتبدلت الأحوال.
فقد أجبربيان وأسرته على الاختباء في العراء دون طعام أو شراب من أجل الهروب من الصراعات في تيغراي – إثيوبيا، ثم استيقظ بيان في يوم ما ليجد نفسه مضطرًا للفرار من مسقط رأسه في قرية بارخت – بإثيوبيا لينجو بحياته وحياة عائلته، وذلك شهدت مدينته أحداث عنف، ومع اندلاع النيران واشتعال الأوضاع، اضطر هو وأفراد عائلته إلى ترك كل متعلقاتهم فورًا والهروب بالحال التي كانوا عليها ومحاولة النجاة، من أجل البقاء على قيد الحياة اضطر بيان وأولاده وزوجته وأحفاده إلى الاختباء في البرية الموحشة لبضعة أيام يعانون من نقص الطعام والشراب قبل أن يجدوا أمانًا مؤقتًا في مخيم الهشابة.
تحدثنا إلى بيان حيث بدأ بسرد قصته علينا قائلاً: “لم أنس أبدا ذاك اليوم الذي انهار فيه عالمي وتحطم أمام عيني، لقد استيقظنا في يوم كان عاديًا جدًا حيث كانت زوجتي تعد الطعام، ثم حوصرنا فجأة بأصوات النيران تتعالى وتتردد من كل مكان، ذُعرنا فلذنا بالفرار بأطفالنا للنجاة بحياتنا.
وقُتل الكثير من الناس وجُرح البعض، كانت لحظات قاسية وكان شئ لا يصدق ولم نكن نتوقع أن نشهده أو نعيشه في يوم من الأيام، وحينها فقط أدركت أننا لم نكن نستشعر نعمة السلام إلا عندما فقدنا.”
بعد مشوار طويل من المعاناة والفرار من منزله والبقاء في العراء دون طعام أو شراب وانعدام المأوى ونعمة السلام ، استطاع بيان أخيرًا الاستقرار. فقد عملت الإغاثة الإسلامية على توفير الدعم الأساسي للاجئي تيغراي، حيث يعيش هو وعائلته الآن في مخيم طنيدة بشرق السودان.
أما عن حياته في المخيم يحدثنا بيان قائلاً:
“لقد كانت لدينا حياة جيدة جداً في موطننا. لقد قضيت 75 عامًا أعيش في أمان واستقرار أما الآن افتقد أبسط الأشياء مثل قضاء بعض الوقت مع أصدقائي والشعور بالحرية في موطني. إن الحياة في المخيم صعبة وليس لدينا إلا خيارات محدودة من الطعام. لدينا فقط الزيت والعدس والخبز، ونحتاج إلى أشياء أخرى مثل الخضار والسكر للحصول على الغذاء الجيد. وبالرغم من ذلك فإن هذه العناصر أيضاً يصعب الحصول عليها. وبالنسبة للصحة فلدينا العيادات الصحية في المخيم، لكن هناك نقص في الأدوية. وعن التعليم فإن الحصول على التعليم هنا صعب أيضًا، وابني الأصغر غير قادر على الذهاب إلى المدرسة.”
لازال بيان يحتفظ بأمل استعادة السلام في بلاده واستعادة نعمة السلام على الرغم من تحديات التكيف مع الحياة الجديدة في المخيم. لكنه الآن عمل على قضاء وقته في دعم اللاجئين الإثيوبيين الآخرين في المخيم.
حيث إن اللغة الرسمية في السودان هي اللغة العربية وهي ما يتقنه بيان على عكس باقي اللاجئين الأثيوبيين الآخرين في المخيم. فيخبرنا بيان في هذا الشأن ويقول:
“الكثير من الناس في مجتمعي وخاصة النساء لا يفهمون اللغة هنا، إنهم بحاجة إلى المساعدة وأنا أحاول دعمهم.” ويعتبر بيان الآن قائدًا مجتمعيًا في المخيم. ثم يختم بيان حديثه معنا قائلاً:
“الله يخبرنا ألا نفقد الأمل أبدًا”. وهذا هو ما يعيش عليه بيان حتى الآن ويتمسك به على أمل أن يعيده الله إلى بلاده في يوم من الأيام.
بيان برفقة زوجته لاتاي (على جهة اليسار) وعائلتهما.
اللاجئون في إثيوبيا والسودان بحاجة ماسة إلى المساعدة وسط وضع إنساني مزري. لقد بقيت الكثير من الأسر في ظروف صعبة جدًا بسبب الجفاف المستمر والنزاعات في العديد من البلدان في القرن الأفريقي؛ فالملايين من الناس يعيشون حياتهم وهم لا يدرون إن كانوا سيحصلون على وجبتهم التالية أم لا ومن أين ستأتي. لقد نفق الكثير من الماشية وارتفعت أسعار المواد الغذائية وأصبحت المياه نادرة.
نعمة السلام ليست النعمة الوحيدة التي فقدها اللاجئون، فلا يزال الخطر في نفاد الطعام في مخيمات اللاجئين حاضرًا وبقوة، مما يعني أن العائلات ستضطر إلى بيع ما يمتلكونه من قليل ليستطيعوا العيش أو اللجوء إلى تدابير خطرة أخرى لا نعلم إلى ما ستؤدي ليتمكنوا فقط من إطعام أطفالها.
وتعمل الإغاثة الإسلامية على دعم حوالي 30 ألف لاجئ في تونيدبة ومخيمات أخرى في ولاية القضارف في السودان حيث نحاول تزويدهم بالطعام والمياه والصرف الصحي ومستلزمات النظافة والدعم التعليمي. وللحفاظ على سلامة اللاجئين خلال أوقات الليل إضافة لاستغلال الموارد الطبيعية بالشكل الأمثل؛ قمنا بتركيب نظام إضاءة جديد يعمل بالطاقة الشمسية في مخيم طنيدة.
ونحن نعمل على قدمٍ وساق لتوفير الدعم الأساسي للاجئي تيغراي ولا يمكننا المضي قدمًا إلا من خلال مساعدتك لمواصلة هذا العمل الحيوي وبتبرعكم نستطيع إنقاذ الكثيرين والعمل على توفير حياة آدمية لهم. لذا، يرجى التبرع لدعم عملنا الحثيث لمساعدة اللاجئين والمهاجرين.